للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[هذه القصيدة الزينبية]

صرمت حبالك بعد وصلك زينبُ ... والدهرُ فيه تصرمٌ وتقلب

نشرت ذوائبها التي تزهو بها ... سوداً ورأسُك كالثغامة أشيب

واستنفرت لما رأتك وطالما ... كانت تحن إلى لقاك وترغب

وكذاك وصلُ الغانيات، فإنه ... آلٌ ببلقعة وبرقٌ خلب

فدع الصبا، فلقد عداك زمانه ... وازهد فعمرك مر منه الأطيب

ذهب الشبابُ، فما له من عودةٍ ... وأتى المشيبُ، فأين منه المهرب

دع عنك ما قد كان في زمن الصبا ... واذكر ذنوبك، وابكها يا مذنب

واذكر مناقشة الحساب، فإنه ... لا بد يحصى ما جنيت ويكتب

لم ينسه الملكان حين نسيته ... بل أثبتاه، وأنت لاه تلعب

والروح فيك وديعة أودعتها ... ستردها بالرغم منك وتسلب

وغرور دنياك التي تسعى لها ... دارٌ حقيقتها متاع يذهب

والليل، فاعلم، والنهار كلاهما ... أنفاسنا فيها تعد وتحسب

وجميع ما خلفته وجمعته ... حقاً يقيناً بعد موتك ينهب

تباً لدار لا يدوم نعيمها ... ومشيدها عما قليل يخرب

فاسمع هديت نصيحة أولاكها ... برٌ نصوح للأنام مجرب

صحب الزمان وأهله مستبصراً ... ورأى الأمور بما تثوب وتعقب

لا تأمن الدهر الخئون، فإنه ... مازال قدماً للرجال يؤدب

وعواقب الأيام في لذاتها ... غصص يذلُّ لها الأعز الأنجب

فعليك تقوى الله، فالزمها تفز ... إن التقي هو البهي الأهيب

واعمل بطاعته تنل منه الرضا ... إن المطيع له لديه مقرب

واقنع، ففي بعض القناعة راحةٌ ... واليأس عما فات، فهو المطلب

فإذا طمعت كسيت لثوب مذلة ... فلقد كسيَ ثوب المذلة أشعب

وتوق من غدر النساء خيانةً ... فجميعهن مكايدٌ لك تنصب

لا تأمن الأنثى حياتك إنها ... كالأفعوان يراع منه الأنيب

لا تأمن الأنثى زمانك كله ... يوماً، ولو حلفت يميناً تكذب

تغرى بلين حديثها وكلامها ... وإذا سطت فهي الصقيل الأشطب

<<  <   >  >>