وعن أبي الدرداء قال: صلى بنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمر بنا كلب فما بلغت رجله يده حتى مات، فلما فرغ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: من الداعي على هذا الكلب؟ فقال رجل من القوم: أنا يا رسول الله قال: فما قلت؟ قال: قلت: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت الحنان المنان بديع السموات والأرض ذو الجلال والإكرام اكفنا هذا الكلب بما شئت.
فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لقد دعا الله بالاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى.
وفي هذا الحديث في السنن الأربعة ومسند أحمد وكتابي الحاكم وابن حبان.
قيل: وكانت صلاة العصر يوم الجمعة وأن الرجل الداعي سعد بن أبي وقاص، انتهى.
[فائدة]
قال القرافي: اتفق الناس على تكفير إبليس بقضيته مع آدم عليه الصلاة والسلام، وليس الكفر فيها لامتناعه من السجود، وإلا لكان كل من أمر بالسجود وامتنع منه كافراً، وليس كفره بكونه حسد آدم عليه الصلاة والسلام على منزلته من الله تعالى، وإلا لكان كل حاسدٍ كافراً، وليس كفره بعصيانه وفسوقه، وإلا لكان كل عاص وفاسق كافراً، وقد أشكل ذلك على جماعة من الفقهاء وينبغي أنه إنما كفر بنسبه الحق جل جلاله إلى الجور والتصرف الذي ليس بمرضي، ويظهر ذلك من فحوي قوله: أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين. ومراده أن الزام العظيم الجليل بالسجود للحقير من الجور والظلم، وهذا وجه كفره لعنه الله تعالى. وقد أجمع المسلمون على أن من نسب الله تعالى لذلك فهو كافر، انتهى.
ومنه أيضاً قول الشاعر:
خليلي إن قالت بثينة: ما له ... أتانا بلا وعد، فقولا لها: لها
أتى وهو مشغول بعظم الذي به ... ومن بات طول الليل يرعى السها سها
بثينة تزري بالغزالة في الضحى ... إذا برزت لم يبق يوماً بها بها
لها مقلة كحلا وخد موردٌ ... كأن أباها الظبي أو أمّها مَها
دهتني بود قاتل، وهو متلفي ... وكم قتلت بالمزج من ودِّها دُها