وفي تاريخ بغداد ووفيات الأعيان: أن أبا حنيفة رضي الله عنه، كان له جار إسكافي يعمل نهاره، فإذا رجع إلى منزله ليلاً تعشى ثم شرب، فإذا دب الشراب فيه غنى وقال:
أضاعوني، وأي فتى أضاعوا ... ليوم كريهةٍ وسداد ثغر
ولا يزال يشرب ويردد هذا البيت حتى يأخذه النوم، وأبو حنيفة يسمع صوته كل ليلة.
وكان أبو حنيفة يصلي الليل كله، ففقد أبو حنيفة صوته فسأله عنه فقيل: أخذه العسس منذ ليالٍ، فصلى أبو حنيفة الفجر من غده، ثم ركب بغلته وأتى إلى دار الأمير، فاستأذن عليه، فقال: ائذنوا له، وأقبلوا به راكباً ولا تدعوه ينزل حتى يطأ البساط. ففعل به ذلك، فوسع له الأمير من مجلسه وقال له: ما حاجتك؟ قال: أشفع في جاري.
فقال الأمير: أطلقوه وكل من أخذ في تلك الليلة.
فخلوهم أيضاً وذهبوا وركب أبو حنيفة بغلته وخرج والإسكافي يمشي وراءه فقال له أبو حنيفة: يا فتى! هل أضعناك؟ فقال: بل حفظت ورعيت فجزاك الله خيراً عن حرمة الجوار. ثم تاب الرجل ولم يعد إلى ما كان يفعل.
وقال الشافعي: قلت لمالك، هل رأيت أبا حنيفة؟ قال: نعم، رأيت رجلاً لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهباً لقام بحجته.
[دواء للصداع]
قال الحافظ ابن عساكر، أيضاً: ويكتب للصداع.
بسم الله الرحمن الرحيم كهيعص ذكر رحمة ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداءً خفياً ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكناً كهيعص حمسق كم لله من نعمة على عبد شاكر وغير شاكر، وكم لله من نعمة في قلب خاشع وغير خاشع، وكم لله من نعمة في كل عرق ساكن وغير ساكن، اذهب أيها الصداع بعز عز الله بنور وجه الله، وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين، فإنه نافع.