للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فحمل في قيوده وغله على ظهور الرجال حتى أدخل على الحجاج. فلما نظره من بعد جعل يرحب به حتى انتهى إليه فكشف قيده وغله وقال: أصلح الله الأمير، إن آخر أمري أعجب من أوله، وحدثه بحديثه فعجب الحجاج وقال: يا خالد، أضعف للفتى ما كنا قد أمرنا له، فقبض المال أجمع وحسن حاله ولم يزل مسامراً للحجاج حتى مات.

؟

[الأعرابي وحلوى الحجاج]

وحضر أعرابي عند الحجاج فقدم الطعام فأكل الناس منه ثم قدمت الحلوى فترك الحجاج الأعرابي حتى أكل منها لقمة ثم قال: من أكل من الحلوى ضربت عنقه، فامتنع الناس من أكلها وبقي الأعرابي ينظر إلى الحجاج مرة وإلى الحلوى مرة ثم قال: أيها الأمير أوصيك بأولادي خيراً. ثم اندفع يأكل فضحك الحجاج حتى استلقى على قفاه وأمر له بصلة.

[علموا أولادكم الأدب]

وحكي أن الحجاج أمر صاحب حراسته أن يطوف بالليل فمن وجده بعد العشاء ضرب عنقه. فطاف ليلة فوجد ثلاثة صبيان يتمايلون وعليهم أثر الشراب، فأحاط بهم وقال لهم: من أنتم حتى خالفتم الأمير؟ فقال الأول:

أنا ابن من دانت الرقاب له ... ما بين مخزومها وهاشمها

تأتي إليه الرقاب صاغرة ... يأخذ من مالها ومن دمها

فأمسك عن قتله، وقال: لعله من أقارب أمير المؤمنين، وقال الثاني:

أنا ابن الذي لا ينزل الدهر قدره ... وإن نزلت يوماً فسوف تعود

ترى الناس أفواجاً إلى ضوء ناره ... فمنهم قيامٌ حولها وقعود

فأمسك عن قتله وقال: لعله من أشراف العرب، وقال الثالث:

أنا ابن الذي خاض الصفوف بعزمه ... وقومها بالسيف حتى استقامت

ركاباه لا تنفك رجلاه منهما ... إذا الخيل في يوم الكريهة ولت

<<  <   >  >>