وجئت بذلك إلى منزلي، وركبت من وقتي إلى المأمون فلما رآني قال: يا أبا إسحاق ويحك، أين كنت؟
فأخبرته الخبر فقال: علي بالرجل الساعة. فدللتهم على موضعه، فأحضره وسأله المأمون فأخبره بالقصة، فقال: أنت ذو مروءة، وسبيلك أن تعان عليها وأمر له بمائة ألف، وقال له: لا تعاشر ذلك النذل المعربد.
[يزيد والأحوص بن جعفر]
ومن كلام الأحوص في حضرة يزيد، غنته جارية بين يديه:
إذا رمت عنها سلوة قال شافعٌ ... من الحب ميعاد السلو المقابر
ستبقى لها في مضمر القلب والحشا ... سريرة ود، يوم تبلى السرائر
فطرب يزيد وقال: لمن الشعر؟ قالت: لا أدري.
قال: ابعثوا إلى الزهري، وكان قد ذهب من الليل شطره فأتي به فلما صعد إليه قال: لا بأس عليك، لن ندعوك إلا لخير، فجلس وسأله عن قائل هذا الشعر؟ فقال الأحوص.
قال: ما فعل به؟ قال: قد طال حبسه، فأمر بتخلية سبيله، وأن يدفع له أربعمائة دينار، ثم قدم عليه بعد ذلك فأجازه وأحسن إليه إحساناً جزيلاً، وكانت المغنية جارية يزيد بن عبد الملك.
[الرشيد في منزل إبراهيم الموصلي]
وحكى مسرور الخادم أن الرشيد قصد الركوب في غير عادته، فقلت له: أين تريد يا أمير المؤمنين في هذا الوقت؟ قال: إلى منزل إبراهيم الموصلي.
قال: فمضى حتى انتهى إلى منزل إبراهيم الموصلي، فخرج وتلقاه وقبل حافر حماره، وقال: يا أمير المؤمنين في مثل هذه الساعة تظهر؟ قال: نعم، شوق طرق بي إليك. ثم نزل وجلس في طرف الإيوان وأجلس إبراهيم، فقال له إبراهيم: يا سيدي استنبطنا شيئاً نأكله قبل الشراب.