وخطب المنصور يوماً بالشام، فقال: أيها الناس ينبغي لكم أن تحمدوا الله تعالى على ما وهبكم في فإني منذ وليتكم صرف الله عنكم الطاعون الذي كان يجيئكم.
فقال أعرابي: إن الله أكرم من أن يجمعك أنت والطاعون علينا.
[أبي هرمة والخمر]
ودخل ابن هرمة على المنصور وامتدحه، فقال له المنصور: سل حاجتك؟ قال: تكتب إلى عاملك بالمدينة إذا وجدني سكران لا يحدني.
فقال له المنصور: هذا حد لا سبيل إلى تركه.
فقال: ما لي حاجة غيرها.
فقال لكاتبه: اكتب إلى عاملنا بالمدينة من أتاك بابن هرمة وهو سكران فاجلده ثمانين، واجلد الذي جاء به مائة.
فمكان الشرطة يمرون عليه وهو سكران ويقولون: من يشتري ثمانين بمائة، فيمرون عليه ويتركونه، انتهى.
[الرجل الثبت الجنان]
وحدث أحمد بن موسى قال: ما رأيت رجلاً أثبت جناناً ولا أحسن معرفة ولا أظهر حجة من رجل رفع فيه عند المنصور بأن عنده أموالاً لبني أمية، فأمر المنصور حاجبه الربيع أن يحضره، فلما حضر بين يديه. قال المنصور: رفع إلينا أن عندك ودائع وأموالاً وسلاحاً لبني أمية فأخرجها لنا لنجمع ذلك إلى بيت المال.
فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، أنت وارث لبني أمية؟ قال: لا.
قال: فلم تسأل إذن عما في يدي من أموال بني أمية ولست بوارث لهم ولا وصي.
فأطرق المنصور ساعة، ثم قال: إن بني أمية ظلموا الناس وغصبوا أموال المسلمين.
فقال الرجل: يحتاج أمير المؤمنين إلى بينة يقبلها الحاكم تشهد أن المال الذي لبني أمية