للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله بيني وبين سيدها ... يفر مني بها وأتبعه

فمن بالباب دون من ذكرت أيضاً؟ قال: جميل بن معمر.

قال: أوليس هو الذي يقول:

فيا ليتنا نحيا جميعاً، وإن أمت ... يوافق موتي موتها وضريحها

فلو كان عدو الله تمنى لقاءها في الدنيا ليعمل بعد صالحاً لكان أصلح. والله لا يدخل علي بداً، فهل أحد سوى من ذكرت؟ قال: جرير.

قال: أوليس هو الذي يقول:

طرقتك صائدة القلوب وليس ذا ... وقت الزيارة، فارجعي بسلام

فإن كان ولا بد فهو الذي يدخل. فلما مثل بين يديه قال: يا جرير اتق الله ولا تقل إلا حقاً.

فأنشد قصيدته الرائية المشهورة التي منها:

إنا لنرجو إذا ما الغيث أخلفنا ... من الخليفة ما ترجو من المطر

جاء الخلافة، أو كنت له قدراً ... كما أتى موسى على قدر

هذي الأرامل قد قضيت حاجتها ... فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر

الخير ما دمت حياً لا يفارقنا ... بوركت يا عمر الخيرات من عمر

فقال: يا جرير لا أرى لك فيما ههنا حقاً.

قال: بلى يا أمير المؤمنين! أنا ابن سبيل منقطع.

فأعطاه من طيب ماله مائة درهم وقال: ويحك، يا جرير، لقد ولينا هذا الأمر ولم نملك إلا ثلاثمائة درهم، فمائة أخذها عبد الله، ومائة أخذتها أم عبد الله، يا غلام: أعطه المائة الأخرى.

فأخذها جرير وقال: والله لهي أحب مال اكتسبته في عمري. ثم خرج فقال له الشعراء: ما وراءك يا جرير؟ فقال: ما يسوءكم. خرجت من عند خليفة يعطي الفقراء ويمنع الشعراء، وإني عنه لراض وأنشد يقول:

رأيت رقي الشيطان لا تستفزه ... وقد كان شيطاني من الجن راقيا

<<  <   >  >>