للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال لأحد غلاميه: احملها على دابتك وارتدف وراءها وامض بها.

ثم ركب فرسه وودعني وانصرف، فما هو إلا أن غاب عني ساعة فعرفت موضع خطإي وغلطي وقلت: ماذا صنعت بنفسي؟ أسلم جاريتي إلى رجل لا أعرفه ولا أدري من هو، وهب أني عرفته فمن أين الصلة إليه. فجلست متفكراً إلى أن صليت الصبح. ودخلت أصحابي دمشق وجلست حائراً لا أدري ما أصنع وقرعتني الشمس. وكرهت المقام، فهممت بالدخول إلى دمشق ثم قلت: لم آمن أن الرسول يأتي فلا يجدني فأكون قد جنيت على نفسي جناية ثانية. فجلست في ظل جدار هناك فلما أضحى النهار، وإذا أحد العلامين اللذين كانا معه قد أقبل علي فما أذكر أني سررت بشيء أعظم من سروري ذلك الوقت بالنظر إليه فقال لي: يا سيدي، أبطأنا عليك.

فلم أذكر له شيئاً مما كان بي ثم قال لي: أتعرف الرجل.؟ قلت: لا.

قال: هو الوليد بن هشام ولي العهد.

فسكت عند ذلك ثم قال: قم فاركب.

وإذا معه دابة فركبتها وسرنا إلى أن وصلنا إلى داره فدخلت إليه، وإذا بالجارية قد وثبت وسلمت علي فقلت: ما كان من أمرك؟ " قالت: أنزلني هذه الحجرة وأمر لي بما أحتاج إليه.

فجلست عندها ساعة وإذا أنا قد أتاني خادم له فقال لي: قم.

فقمت فأدخلني على سيده، فإذا هو صاحبي بالأمس، وهو جالس على سريره فقال: من تكون؟ فقلت: يونس الكاتب.

قال: مرحباً بك قد كنت والله إليك بضنين وكنت أسمع بخبرك فكيف كان مبيتك في ليلتك؟ قلت: بخير أعزك الله.

قال: فلعلك ندمت على ما كان منك البارحة وقلت: دفعت جاريتي إلى رجل لا أعرفه ولا أعرف اسمه ولا من أي البلاد هو؟ فقلت: معاذ الله أيها الأمير أن أندم ولو أهديتها إلى الأمير كانت أقل وأخس، وما قدر هذه الجارية؟ فقال: والله لكني ندمت على أخذها منك، وقلت: رجل غريب لا يعرفني وقد دهمته وسفهت عليه في استعجالي لأخذ الجارية.

<<  <   >  >>