قال: أتيت من أرض قضاعة وإن لي بها أرضاً، لها عدة سنين، مجدبة، وقد أخصبت في هذه السنة فزرعتها قثاء فطرحت في غير وقتها، فجمعت منها ما استحسنته وقصدت الأمير معن بن زائدة لكرمه المشهور ومعروفه المأثور، وإحاسنه المذكور.
فقال له: كم أملت منه؟ قال: ألف دينار.
فقال: فإن قال لك: كثير.
قال: خمسمائة دينار.
قال: إن قال لك: كثير.
قال: ثلاثمائة دينار.
قال: إن قال لك: كثير.
قال: مائتي دينار.
قال: إن قال لك: كثير.
قال: مائة دينار.
قال: إن قال لك: كثير.
قال: خمسين ديناراً.
قال: إن قال لك: كثير.
قال: أفلا أقل من ثلاثين.
قال: إن قال لك: كثير.
قال: أدخل قوائم حماري في حر أمه، وأرجع إلى أهلي خائباً.
فضحك معن منه وساق جواده حتى لحق بعسكره ونزل منزله، وقال لحاجبه: إذا أتاك شيخ على حمار بقثاء فادخل به علي.
فأتى بعد ساعة فلما دخل على الأمير معن لم يعرفه لهيبته وجلالته، وكثرة خدمه وحشمه وهو متصدر في دست مملكته، والحفدة قيامٌ عن يمينه وشماله وبين يديه. فلما سلم عليه قال له الأمير معن: ما الذي أتى بك يا أخا العرب؟ قال: أملت الأمير وأتيته بقثاء في غير أوانها.