وذكر بعض أهل التواريخ أن ملكاً من الملوك خرج يدور فلي ملكه، فوصل إلى قرية عظيمة، فدخلها منفرداً، فأخذه العطش، فوقف بباب دار من دور القرية وطلب ماء، فخرجت إليه امرأة جميلة بكوز ماء وناولته إياه، فلما نظر لها افتتن بها، فراودها عن نفسها، وكانت المرأة عارفة به، فعلمت أنها لا تقدر على الامتناع منه، فدخلت وأخرجت له كتابً، وقالت له: انظر في هذا الكتاب حتى أصلح من أمري ما تحب وأعود. فأخذ الملك الكتاب ونظر فيه، وإذا فيه الزجر عن الزنا وما أعد الله تعالى لفاعله من العذاب الأليم، فاقشعر جلده ونوى التوبة، وصاح بالمرأة، وأعطاها الكتاب ومر ذاهباً.
وكان زوج المرأة غائباً، فلما حضر أخبرته الخبر، فتحير في نفسه وخاف أن يكون قد وقع غرض الملك فيها، فلم يتجاسر على وطئها بعد ذلك، ومكث على ذلك مدة، فأعلمت المرأة أقاربها بحالها مع زوجها، فرفعوه إلى الملك، فلما مثل بين يدي الملك قال أقارب المرأة: أعز الله مولانا الملك، إن هذا الرجل قد استأجر منا أرضاً للزراعة، فزرعها مدة، ثم عطلها فلا هو يزرعها، ولا هو يتركها لنؤجرها لمن هو يزرعها، وقد حصل الضرر للأرض، ونخاف فسادها بسبب التعطيل لأن الأرض إذا لم تزرع فسدت.
فقال الملك لزوج المرأة: ما يمنعك من زرع أرضك؟ فقال: أعز الله مولانا الملك، إنه قد بلغني أن الأسد قد دخل أرضي، وقد رهبته ولم أقدر على الدنو منه لعلمي أنه لا طاقة لي بالأسد.
ففهم الملك القصة فقال: يا هذا إن أرضك طيبة صالحة للزراعة، فازرعها بارك الله لك فيها، فإن الأسد لن يعود إليها، ثم أمر له ولزوجته بصلة حسنة وصرفهما، انتهى من حرف الألف.