لله در عصابة نادمتهم ... يوماً بجلق في الزمان الأول
إلى قوله:
أولاد جفنة حول قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضل
يسقون من ورد البريص عليهم ... بردى يصفق بالرحيق السلسل
قال: فضحك جبلة حتى بدت أنيابه، ثم قال: أتدري من يقول هذا؟ قلت: لا، قال: حسان بن ثابت شاعر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم أشار إلى الجواري اللواتي عن يساره، وقال: أبكيننا، فاندفعنا يغنين وتخفق عيدانهن ويقلن:
لمن الدار أوحِت بمعان ... بين أعلى اليرموك فالجمان
إلى قوله:
ذاك مغنىً من آل جفنة في الده؟ ... رِ وحق تعاقب الأزمان
قال: فبكى جبلة حتى سالت دموعه على لحيته، ثم قال: أتدري من يقول هذا؟ قلت: لا، قال: حسان. ثم أنشد الأبيات التي أولها: تنصرت الأشراف إلى آخرها. ثم سألني عن حسان: أحي هو؟ قلت: نعم فأمر له بكسوة ولي أيضاً كذلك. ثم أمر لحسان بمال ونوق موقرة براً، ثم قال لي: إن وجدته حياً فادفع إليه الهدية واقرئه مني السلام؛ وإن وجدته ميتاً فادفعها إلى أهله وانحر النوق على قبره.
قال: فلما أخبرت عمر، رضي الله عنه، بخبره وما اشترطه علي وما ضمنت له. قال: فهلا ضمنت له الأمر؟ فإذا أفاء الله بحكمه وقضى علينا بحكمته ما كان إلا ما أراد.
ثم جهزني عمر ثانياً إلى هرقل وأمرني أن أضمن له، أي لجبلة، ما اشترط. فلما دخلت القسطنطينية وجدت الناس منصرفين من جنازته فعلمت أن الشقاء غلب عليه في أم الكتاب.