بذلك وحلف إيماناً عظيمة، ودخل إلى الجارية وحلفها أيضاً على مثل ذلك، فلم يلبث بعد ذلك سوى شهر ومات وولي الخلافة هارون الرشيد فطلب الجارية فقالت: يا أمير المؤمنين كيف تصنع بالإيمان؟ فقال: قد كفرت عنك وعني.
ثم تزوج بها ووقعت في قلبه موقعاً عظيماً وافتتن به أعظم من أخيه الهادي حتى كانت تسكر وتنام في حجره فلا يتحرك ولا ينقلب. فبينما هون في بعض الليالي وهي في حجره نائمة إذا بها انتبهت فزعة مرعوبة. فقال لها: ما بالك فديتك؟ قالت: رأيت أخاك الهادي الساعة في النوم فأنشدني هذه الأبيات:
أخلفت عهدي بعدما ... جاوزت سكان المقابر
ونسيتني، وحنثت في ... إيمانك الزور الفواجر
ونكحت غادرة أخي ... صدق الذي سماك غادر
لا يهنك الإلف الجدي؟ ... د ولا تدر عنك الدوائر
ولحقتني قبل الصبا - ح وصرت حيث غدوت صائر قالت: ثم ولى عني وكأن الأبيات مكتوبة في قلبي ما نسيت منها كلمة.
فقال لها: هذه أحلام الشيطان.
فقالت: كلا، والله يا أمير المؤمنين. ثم اضطربت بين يديه وماتت في تلك الساعة، ولا تسأل عن هارون الرشيد وما لقي بعدها.