ظلمة وعمله ظلمة ويتقلب في ظلمة وكان زيد بن أسلم يقول في قوله تعالى:(في لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) البروج: ٢٢، قال قلب المؤمن وقال أبو محمد سهل مثل القلب والصدر مثل العرش والكرسي.
وروينا في حديث ابن عمر قال قيل يا رسول اللَّه أين اللَّه في الأرض؟ قال: في قلوب عباده المؤمنين، وفي الخبر المأثور عن اللَّه تعالى لم يسعني سمائي ولاأرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن، وفي بعضها اللين الوادع فاللين يعني السهل الرقيق القريب والوادع يعني الساكن المطمئن، وفي الخبر: ما ألبس العبد لبسة أحسن من خشوع في سكينة فهذه لبسة المتقين وصبغة اللَّه تعالى للعارفين، وفي الحديث قيل: يا رسول اللَّه من خير الناس؟ قال: كل مؤمن محموم القلب، ثم فسره رسول اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: هو التقي الذي لا غش فيه ولا بغي ولا غلّ ولا حسد، وقال بعض العارفين في معنى قوله تعالى:(إلاّ مَنْ أَتَى اللَّه بِقَلْبٍ سَليم) الشعراء: ٨٩ أي مما سوى اللَّه ليس فيه غير اللَّه وفي قول أهل التفسير: سليم من الشرك والنفاق، وقال رسول اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الشرك في أمتي أخفى من دبيب النمل وهذا لا يعدمه المؤمنون إلا الصديقين وقال: أكثرمنافقي أمتي قراؤها، وهذا لا يعدمه العابدون إلا العارفين، ومن خواطر اليقين ما يرد بشيء لا تظهر دلائله في الظاهر لخفائه وغموض شواهده فليس يعلم إلا بباطن العلم وغامض الفهم والغوص على لطائف معاني التبيين وباطن الاستنباط منفهم التنزيل وتعليم التأويل كما قال الحبيب الخليل رسول اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لابن عباس: اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل، كما قال علي بن أبي طالب: ماعندنا شيء أسره إلينا رسول اللََّه سوى كتاب اللَّه تعالى إلا أن يؤتي اللَّه تعالى عبداً فهماً في كتابه، وكما جاء في تفسير قوله تعالى:(يُؤْتي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ) البقرة: ٢٦٩ قال: الفهم في كتاب اللَّه، وقال أصدق القائلين:(فَفَهَّمْنَاْهَا سُلَيْمَانَ) الأنبياء: ٧٩ فخصه بفهم منه زاده به فوق الحكم والعلم الذي شرك فيه أباه فزاده على فتيا أبيه.
وروينا عن علي عليه السلام في الحديث الطويل الذي يقول فيه: واليقين على أربع شعب، على تبصرة الفطنة، وتأويل الحكمة، وموعظة العبرة، وسنة الأوّلين، فمن تبصر الفطنة تأول الحكمة ومن تأول الحكمة عرف العبرة ومن عرف العبرة كان في الأوّلين إلا أن أهل اليقين المرادين به العارفين بأحكام اللَّه تعالى الباطنة يعلمون تفصيل خواطر اليقين ومقتضاها من حيث أشهدوا مطلعها من الغيب وبحيث عرفوا موجبها من الوصف بنور اللَّه الثاقب وقربه الحاضر وسلطانه النافذ، كما جاء في الخبر: اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور اللَّه تعالى أي باليقين، وفي لفظ آخر: اتقوا فراسة العالم فكأنه مفسر له ومنه قوله تعالى: (إنَّ فِي ذِلكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّميِنَ) الحجر: ٧٥ وقوله: (قَدْ بَيَّنّا الآيات لِقَومٍ يُوقِنُون) البقرة: ١١٨ أي بنور اليقين، وكان أبو الدرداء يقول: المؤمن ينظر إلى الغيب