للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من العلماء هو صاحب حديث وآثار وناقل رواية الأخبار يقول لك إذا سألته اعتقد التسليم وأمر الحديث كما جاء ولا تفتيش وهذا يتلو المفتي في السلامة وهو أحسنهم طريقة وأشبههم بسلف العامة خليقة ليس عنده شهادة يقين ولا معرفة بحقيقة ما رآه ولا هو مشاهد واصف لمعنى ما نقله إنما هو للعلم رواية وللأثر والخبر ناقلة عن غير خبر يخبره ولا فقه في نقله فهو على بينة من ربه وليس يتلوه شاهد منه، وقدكان الزهري يقول: حدثني فلان، وكان من أوعية العلم ولا يقول وكان عالماً وكان مالك بن أنس رحمه الله يقول: أدركت سبعين شيخاً من التابعين منهم عباد ومنهم مستجاب الدعاء ومنهم من يستسقى به ما حملت عنهم علماً قط قيل: ولم ذاك قال لم يكونوا من أهل هذا الشأن وفي رواية لم يكونوا يدرون ما يحدثون به ولم يكن لهم فقه فيما يسألون عنه قال مالك وتقدم علينا ابن شهاب الزهري وهو حديث السن فنزدحم عليه حتى نصل إليه لأنه كان عالماً بما يحدث به فهذا بمعنى ما روي عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.

وقال بعض السلف ما كانوا يعدون علم من لا يعرف اختلاف العلماء علماً وقال آخرين: من لم يعرف اختلاف العلماء لم يحل له أن يفتي ولم يسمَّ عالماً وقال قتادة وسعيد بن جبير أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس وقيل للإمام أحمد رضي الله عنه إذا كتب الرجل مائة ألف حديث له أن يفتي، قال: لا، قيل: فمائتي ألف حديث قال: لا قيل فثلاثمائة ألف حديث قال أرجو وفي التوراة مكتوب الطبيب الحاذق للعلة الباطنة يصلح.

وكتب سلمان الفارسي من المدائن إلى أبي الدرداء وكان قد آخى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينهما فيمن آخى: يا أخي بلغني أنك أقعدت طبيباً تداوي المرضى فانظر فإن كنت طبيباً فتكلم فإن كلامك شفاء وإن كنت متطبباً فالله الله لا تقتل مسلماً، قال: فكان أبو الدرداء يتوقف بعد ذلك إذا سئل عن شيء وسأله إنسان عن شيء فأجابه ثم قال ردوه فقال له: أعد عليّ فأعاد فقال: متطبب والله فرجع في جوابه ولعمري أنه قدجاء عن رسول اللهّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من تطبب ولم يعلم منه طب فقتل فهو ضامن، وقد كان ابن عباس رضي الله عنه يقول: سلوا جابر بن زيد فلو نزل أهل البصرة على فتياهل وسعهم وكان من صالحي التابعين، وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا سئل عن شيء يقول: سلوا سعيد بن المسيب، وكان أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: سلوا مولانا الحسن فإنه قد حفظ ونسينا، وقال بعض البصريين: قدم علينا رجل من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتينا الحسن فقلنا ألا نذهب إلى هذا الصحابي فنسأله عن حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتجيء معنا؟ قال: نعم فاذهبوا، قال: فجعلنا نسأله عن حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجعل يحدثنا حتى حدثنا عشرين حديثاً قال: والحسن ينصت يستمع إليه، ثم جثا الحسن

<<  <  ج: ص:  >  >>