للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو أجلس إلى قاصّ قال: اذهب في حاجتك حتى جعله خيراً من مجالس الفراغ، فلوكانت مجالس الذكر عندهم هي مجالس القصّاص ولو كان القصص هو الذكر لما وسع الحسن أن يثبط عنه ولا يؤثر عليه كثيراً من الأعمال لأنه قد كان يدعو إلى الله تعالى بالتوحيد ويتكلم في علم المعرفة واليقين والذاكرين لله تعالى وحضور مجلس الذكر من مزيد الإيمان وقد رفع الله تعالى مقام الذاكرين فوق مقام المؤمنين في قوله تعالى: (إنَّ المُسْلِمينَ والْمسْلِمَاتِ والْمُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ) الأحزاب: ٣٥ فجعل الذاكرين والذاكرات أعلى المقامات.

وقد روينا في خبر أبي ذر حضور مجلس ذكر أفضل من صلاة ألف ركعة وحضور مجلس علم أفضل من عيادة ألف مريض وحضور مجلس علم أفضل من شهود ألف جنازة، قيل يا رسول الله ومن قراءة القرآن فقال: وهل تنفع قراءة القرآن إلا بعلم؟ وقال بعض السلف: حضور مجلس ذكر يكفر عشرة من مجالس الباطل وأما عطاء فإنه قال مجلس ذكريكفر سبعين مجلساً من مجالس اللهو وحدثونا عن معاذ الأعلم قال: رآني يونس بن عبيدوأنا في حلقة المعتزلة فقال تعال فجئت فقال: إن كنت لا بد فاعلاً فعليك بحلقة القصاص، وقد كان الحسن البصري أحد المذكرين وكانت مجالسه مجالس الذكر يخلو فيها مع إخوانه وأتباعه من النساك والعباد في بيته مثل مالك بن دينار وثابت البناني وأيوب السجستاني ومحمد بن واسه وفرقد السنجي وعبد الواحد بن زيد فيقول: هاتوا انشروا والنور فيتكلم عليهم في هذا العلم من علم اليقين والقدرة في خواطرالقلوب وفساد الأعمال ووسواس النفوس وربما قنع بعد أصحاب الحديث رأسه فاختفى من ورائهم ليسمع ذلك فإذا رآه الحسن قال له: يا لكع وأنت ما تصنع ههنا؟ إنما خلونا مع إخواننا نتذاكر والحسن رحمه الله هو إمامنا في هذا العلم الذي نتكلم به أثره نقفو وسبيله نتبع ومن مشكاته نستضيء أخذنا ذلك بإذن الله تعالى إماماً عن إمام إلى أن ينتهي ذلك إليه، وكان من خيار التابعين بإحسان قيل: ما زال يعي الحكمة أربعين سنة حتى نطق بها وقدلقي سبعين بدرياً ورأى ثلاثمائة صحابي وولد لليلتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة عشرين من التاريخ ولد بالمدينة وكانت أمه مولاة لأم سلمة زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويقال إنها ألقمته ثديها تعلله حين بكى فدّر ثديها عليه وكان كلامه يشبه بكلام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورأى عثمان بن عفان ولعي بن أبي طالب ومن بقي في وقته من العشرة ثم رأى من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عهد عثمان ومن سنة نيف وعشرين من الهجرة إلى سنة نيف وتسعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>