للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَسيتَ) الكهف: ٢٤، فحق الذكر نسيان ما سواه كما أن حقيقة الإيمان الكفر بكل إله كقوله تعالى (فَمَنْ يَكْفُرْ بالطَّاغُوتِ وَيؤْمِنْ بالله) البقرة: ٢٥٦، وقال بعض أهل الحديث: جاءني رجل من إخواني من أهل المعرفة، فقال: قد وجدت من قلبي غفلة فأريد أن تحملني إلى مجلس من مجالس الذكر فقلت نعم فسمّى له مذكراً يتكلم في علوم العامة قال: فحضرنا عنده واجتمع الخلق فأخذ في شيء من القصص وذكر الجنة والنار فنظر إليّ صاحبي فقال أليس زعمت أن هذا يذكر الله ويذكر ربه عزّوجلّ ويذكر أيامه فقلت: نعم هكذا هو عندنا فقال: ما أسمع إلا ذكر الخلق فأين ذكرالله تعالى؟ ثم توقف ساعة ينتظر منه ما يريد من علم المعرفة ومما سمعه من شيوخه الصوفية قال: فليس إلا القصص والحكايات فالتفت إليّ وقال: قم بنا فإنه لا يسعني الجلوس لأنه لا نية لي في ذلك فقلت أما أنا فأستحي أن أتخطى الناس فاصنع أنت ما ترى فقام يتخطى الناس حتى خرج.

وقد روى الزهري عن سالم عن ابن عمر أنه خرج من المسجد وقال: ما أخرجني إلا القصاص ولولاه ما خرجت وقال ضمرة: قلت للثوري رحمه الله نستقبل القاص بوجهنا فقال: ولّوا البدع ظهوركم وقال ابن عون: دخلت على ابن سيرين فقال: ما كان اليوم من خبر؟ فقلت: نهى الأمير القصاص أن يقصوا، وحدثنا عن أبي معمر عن خلف بن خليفة قال: رأيت سياراً أبا الحكم يستاك على باب المسجد وقاصّ يقص في المسجد فجاءه رجل فقال: يا أبا الحكم إن الناس ينظرونك فقال: إني في خير مما هم فيه أنا في سنة وهم في بدعة وقد فعل الأعمش أبلغ من ذلك دخل البصرة وكان فيها غريباً فنظر إلى قاصّ في الجامع وهو يقول: حدثناالأعمش عن أبي إسحاق وحدثنا الأعمش عن أبي وائل قال: فتوسط الأعمش الحلقة ورفع يده وجعل ينتف شعر إبطه فبصر به القاصّ فقال: يا شيخ ألا تستحي نحن في علم وأنت تفعل هذا؟ فقال له الأعمش: الذي أنا فيه أفضل من الذي أنت فيه، قال: كيف؟ قال: لأني في سنة وأنت في كذب، أنا الأعمش وما حدثتك مما تقول شيئاً فلما سمع الناس ذكر الأعمش انفضوا عن القاص واجتمعوا حوله وقالوا حدثنا يا أبا محمد، وأخبرونا عن محمد بن أبي هارون أن إسحاق حدثه قال: صليت مع الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه صلاة العيد فإذا قاصّ يقص يلعن المبتدعة ويذكر السنة فلما قضينا الصلاة وصرنا ببعض الطريق ذكر أبو عبد الله القاص فقال ما أنفعهم للعامة وإن كان عامة ما يحدثون به كذباً وأخبرت عن محمد بن جعفر أن أبا الحرث حدثه أنه سمع الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه يقول أكذب الناس القصاص والسؤال وحدثونا عنه أيضاً أنه قال: ما أحوج الناس إلى قاصّ صدوق لأنهم يذكرون الميزان وعذاب القبر قلت له: أنت تحضر مجالسهم؟ قال: لا.

وروينا عن حبيب بن أبي ثابت عن زياد النميري قال: أتيت أنس بن مالك وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>