للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالزاوية فقال لي: قصّ فقلت كيف؟ والناس يزعمون أنه بدعة فقال: ليس شيء من ذكر الله تعالى بدعة، قال: فقصصت وجعلت أكثر قصصي ودعائي رجاء أن يؤمن، قال: فجعلت أقص وهو يؤمن وقد كانوا يجعلون الدعاء قصصاً وحدث يوسف بن عطية عن محمد بن عبد الرحمن الخراز قال: فقد الحسن عامر بن عبد الله العنبري فقال: اذهبوا بنا إلى أبي عبد الله فأتاه الحسن فإذا عامر في بيت قد لف رأسه وليس إلا رمل فقال له الحسن: يا أبا عبد الله لم نرك منذ أيام، فقال: إني كنت أجلس هذه المجالس فأسمع تخليطاً وتغليظاً وانّي كنت أسمع مشيختنا فيما يروون عن نبيينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يقول إن أصفى الناس إيماناً يوم القيامة أكثرهم فكرة في الدنيا وأكثر الناس ضحكاً في الجنة أكثرهم بكاءً في الدنيا وأشد الناس فرحاً في الآخرة أطولهم حزناً في الدنيا فوجدت البيت أخلى لقلبي وأقدر لي من نفسي على ما أريد منها، قال الحسن: أما إنه لم يعن مجالسنا هذه إنما عنى مجالس القصاص في الطرق الذين يخلطون ويغلطون ويقدمون ويؤخرون وقد قسم بعض العلماء المتكلمين ثلاثة أقسام فوصفهم بأماكنهم فقال المتكلمون ثلاثة أصحاب الكراسي وهم القصاص وأصحاب الأساطين وهم المفتنون وأصحاب الزوايا وهم أهل المعرفة فمجالس أهل العلم بالله تعالى وأهل التوحيد والمعرفة هي مجالس الذكر وهي التي جاءت فيها الآثار، وفي الخبر: إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا فيها قيل: وما رياض الجنة؟ قال: مجالس الذكر، وفي الحديث أن لله تعالى ملائكة سياحين في الهواء فضلاً عن كتاب الخلق إذا رأوا مجالس الذكر ينادي بعضهم بعضاً: ألا هلموا إلى بغيتكم فيأتوهم حتى يجلسوا إليهم فيحفون بهم ويستمعون منهم ألا فاذكروا الله واذكروا أيامه، وقال وهب بن منبه اليماني: مجلس يتنازع فيه العلم أحب إليّ من قدره صلاة لعل أحدهم يسمع الكلمة فينتفع بها السنة أو ما بقي من عمره، وسئل أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى عن مجالس الذكر وفضلها فرغب فيها وقال رحمه الله: وأي شيء أحسن من أن يجتمع الناس فيذكرون الله عزّ وجلّ ويعددون نعمه عليهم كما قالت الأنصار.

وروينا عن عليّ كرم الله وجهه: ما يسرني أن الله تعالى أماتني طفلاً وأدخلني الدرجات العلى من الجنة قيل: ولم؟ قال: لأنه أحياني حتى عرفته، وقال مالك بن دينار: خرج الناس من الدنيا ولم يذوقوا طيب شيء فيها قيل: وما هو؟ قال: المعرفة ثم أنشأ يقول:

إن عرفان ذي الجلال لعز ... وضياء وبهجة وسرور

وعلى العارفين أيضاً بهاء ... وعليهم من المحبة نور

فهنياً لمن عرفك إلهي ... هو والله دهره مسرور

<<  <  ج: ص:  >  >>