للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على حل الإيمان لأنّ الله يحول بينه وبينه، وقد تولى تأبيد الإيمان بروحه بعد كتبه في القلوب برحمته وفي الحبّ في الله الولاة والنصرة بالنفس والمال والفعل والمقال، وفي البغض في الله ترك ذلك فبغض المبتدع والفاجر المجاهر والظالم المعتدي، وترك موالاتهم ونصرتهم واجب على المؤمنين، فلأجل ذلك صارت الموالاة لأولياء الّله والمعاداة لأعدائه من أوثق عرى الإيمان لأنك قد تعصي وتخالف مولاك تسليط العدوّ وغلبة هواك، إلاّ أنّك تبغض العاصين ولا تواليهم على المعاصي، ولا تحبهم لأجلها من قبل أنّ العدو لم يسلط على حل عقد إيمانك، كما سلط على فعله من نفسك، كما أنه لم يسلط على حل عقد إيمانك كما سلط على حل المراقبة والخوف منك، ولم يسلط أيضاً عليك في استحلال المحارم ولا استحسانها ولا التدين بها، ولا في ترك التوبة منها ولا بالرضا بها كما سلط عليك بافتراقها، فإن سلط على مثل هذا منك العدو حتى تحب الفساق وتواليهم وتنصرهم على فسقهم، أو تستحل ما ارتكب من الحرام أو ترضى به أو تدين به، فقد انسلخ منك الإيمان كما انسلخ النهار من الليل، فلست منه في كثير ولا قليل لأنّ هذه العقود منوطة بعرى الإيمان، وهي وهو في قرن واحد مقترنان، ألم تسمع الله تعالى يقول: (لاَ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرينَ أَولِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذِلكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ في شَيءْ) آل عمران: ٢٨، أو ما سمعته تعالى يقول: (لاَتَتّخِذُوا الْيَهُودِ وَالنَّصَارى أَولِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِىَاءُ بَعْضٍ وَمنْ يَتَولَّهُمْ مِنْكُمْ فَإنَّهُ مِنْهُمْ) المائدة: ٥١، ومثله: (لاَيَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرينَ أَولِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنينَ) آل عمران: ٢٨، أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطاناً مبيناً أي حجة قاطعة، أن يجمعكم وإياهم في النار، وكذلك قال الله تعالى: (وَإنَّ الظَّالمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضَ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقين) الجاثية: ١٩، وقال تعالى: (وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمينَ بَعْضاً بمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) الأنعام: ٩٢١، ثم قال تعالى: (وَيَتَّبعْ غَيْرَ سَبيلِ المُؤُمِنينَ نُوَلِّه مَا تَولّى وَنُصِلْهِ جَهَنَّمَ) النساء: ١١٥، وقد روينا في خبر أنّ الله تعالى أخذ على كل مؤمن في الميثاق أن يبغض كل منافق، وأخذ على كل منافق أن يبغض كل مؤمن، وفي الخبر المشهور: المرء مع من أحبّ وله ما احتسب.

وفي حديث آخر: من أحب قوماً ووالاهم في الدنيا جاء معهم يوم القيامة، وفي معنى قوله: أوثق عرى الإيمان الحبّ في الله والبغض فيه، وجه خفيّ هو أن يحبك المؤمنون ويبغضك المنافقون، فيكون ذلك علامة وثيقة عرى إيمانك لأنّ قوله الحبّ في

<<  <  ج: ص:  >  >>