غير هَاتين الْمَرَّتَيْنِ، رَأَيْته منهبطاً من السَّمَاء، سَادًّا عظم خلقه مَا بَين السَّمَاء إِلَى الأَرْض. فَقَالَت: أَو لم تسمع أَن الله يَقُول: {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار وَهُوَ يدْرك الْأَبْصَار وَهُوَ اللَّطِيف الْخَبِير}[الْأَنْعَام] أَو لم تسمع أَن الله يَقُول: {وَمَا كَانَ لبشر أَن يكلمهُ الله إِلَّا وَحيا أَو من وَرَاء حجاب أَو يُرْسل رَسُولا فَيُوحِي بِإِذْنِهِ}[الشورى] إِلَى قَوْله: {عَليّ حَكِيم}[الشورى] .
قَالَت:
وَمن زعم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتم شَيْئا من كتاب الله فقد أعظم على الله الْفِرْيَة، وَالله تَعَالَى يَقُول:{يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك وَإِن لم تفعل فَمَا بلغت رسَالَته}[الْمَائِدَة] .
قَالَت:
وَمن زعم أَنه يخبر بِمَا يكون فِي غَد فقد أعظم على الله الْفِرْيَة، وَالله تَعَالَى يَقُول:{قل لَا يعلم من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض الْغَيْب إِلَّا الله}[النَّمْل] .
وَفِي حَدِيث أبي مُوسَى مُحَمَّد بن الْمثنى عَن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَن دَاوُد نَحوه.
وَأخرج البُخَارِيّ طرفا من حَدِيث عبد الله بن عون عَن الْقَاسِم قَالَت:
من زعم أَن مُحَمَّدًا رأى ربه فقد أعظم، وَلَكِن قد رأى جِبْرِيل فِي صورته وخلقه، سَادًّا مَا بَين الْأُفق.
٣٢٩٢ - التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة:
عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت: دخل عَليّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْدِي رجلٌ، فَقَالَ:" يَا عَائِشَة، من هَذَا؟ " قلت: أخي من الرضَاعَة.
قَالَ:" يَا عَائِشَة، انظرن من إخوانكن، فَإِنَّمَا الرضَاعَة من المجاعة ".