للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَتَظَلُّ وَهُوَ مَكَرَّرٌ تَسْأَلُها ... تَتْلُو عَلَيْهِ وَذُو الصِبابَةِ يَسْأَلُ

فَتُعِيدُ جامِحَهُ ذَلُولاً طائِعاً ... وَالشَوْقُ لِلصَعْبِ الجَمُوحِ مُذَلِّلُ

شَوْقَاً إِلَى بَلَدٍ يَكادُ لِذِكْرِهِ ... يَقْضي جَوىً لَكِنَّهُ يَتَحَمَّلُ

وَيَلُوذُ بِالآمالِ عَلَّ بَعِيدَها ... يَدْنُو وَجامِحَها يَلِينُ وَيَسْهُلُ

وقال نور الدين عليّ بن موسى بن سعيد الغرناطيّ ببغداد يتَشوّق حلب:

حادِيَ العِيسَ كَمْ تُنِيخُ المَطايا ... سُقْ فَرُوحِي مِنْ بُعْدِهِمْ فِي سِيلقِ

حَلَباً إِنَّها مَقَرُّ غَرامِي ... وَمَرامِي وَقِبْلَةُ الأَشْوَاقِ

لا خَلا جَوْشَنٌ وَبِطْياسُ وَالسَعْ ... دِيُّ مِنْ كُلِّ وَابِلٍ وَغَيْداقِ

كَمْ بِها مَرْتَعاً لِطَرْفٍ وَقَلْبٍ ... فِيهِ يُسْقَى المُنَى بِكَأْسِ دِهاقِ

وَتَغَنّي طُيُورِهِ لاِرْتِياحٍ ... وَتَثَنِّي غُصُونِهِ للِعِناقِ

وَعَلَى الشَهْبَآءِ حَيْثُ اسْتَدارَتْ ... أَنْجُمُ الأُفْقِ حَوْلَها كَالنِطاقِ

وَمَجَرُّ الصَبا بِشَطِّ قُوَيْقٍ ... لا عَدَتْهُ حَدائِقُ الأَحْداقِ

وقال الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن الملك العزيز محمّد بن الملم الظاهر يتشوّق حلب وهو بدمشق:

سَقَى حَلَبَ الشَهْبَآءَ فِي كُلِّ لَزْبَةٍ ... سَحابةُ غَيْثٍ نَوْءها لَيْسَ يُقْلِعُ

فَتِلْكَ رُبُوعِي لا العَقِيقُ وَلا الحِمَى ... وَتِلْكَ دِيارِي لازَوَردٌ وَلَعْلَعُ

وعلى أثر ذكر الشهباء فإنّ من أحسن ما نبتُه من أوصافها ما قاله السريّ الرّفاء في قصيدة يمدح بها سيف الدولة:

وَشاهِقَةٍ يَحْمِي الحِمامَ سُهُولُها ... وَيَمْنَعُ أَسْبابَ المَنايا وَعُورُها

إذا سَتَرَتْ غُرَّ السَحابِ وَقَدْ سَرَتْ ... جَوانِبُها خِلْتَ السِحابَ سُتُورَها

وَإِنْ عادَ خَوْفاً مِنْ سُيوفِكَ رَبُّها ... يَدُورُ بِها أَضْحَى لَدَيْكَ أَسِيرَها

مُقِيماً يَمُرُّ الطَيْرِ دونَ مَقامِهِ ... فَلَيْسَ تَرَى عَيْناهُ إِلاَّ ظُهُورَها

بَعَثْتَ إِلَى عَلْيائِها الأُسْدَ فَانْثَنَتْ ... تُساوِرُ بِالبِيضِ الصَوارِمِ سُورَها

وللخالديين من قصيدتَيْن مدحا بهما سيف الدولة ويهنّيانه فيهما بفتح حلب جاء في إحداهما في صفة القلعة:

وَخَرْقَآءُ قَدْ تاهَتْ عَلَى مَنْ يَرُومُها ... بِمَرْقَبِها العالِي وَجانِبِها الصَعْبِ

يَزُرُّ عَلَيْها الجَوُّ جَيْبَ غَمامِهِ ... وَيُلْبِسُها عِقْداً بِأَنْجُمِهِ الشُهْبِ

إِذا ما سَرَى بَرْقٌ بَدَتْ مِنْ جِلالِهِ ... كَما لاَحتِ العَذْرآءُ مِنْ جِلَلِ الحُجْبِ

فَكَمْ ذِي جُنُودٍ قَدْ أَماتَتْ بِغُصَّةٍ ... وَذِي سَطواتٍ قَدْ أَبانَتْ عَلَى عَتْبِ

سَتَموْتَ لَها بالرَأْيُ يُشْرِقُ فِي الدُجَى ... وَيَقْطَعُ فِي الجُلَّى وَيَصْدَعُ فِي الهَضْبِ

فَأبْرَزْتَها مَهْتُوكَةَ الجَيْبِ بِالقَنا ... وَغادَرْتَها مَلْطُومَةَ الخَدِّ بِالتُرْبِ

وجاء في الأخرى:

وَقَلْعَةٍ عانَقَ العَيُّوقَ سافِلها ... وَجازَ مِنْطَقَةَ الجَوْزاءِ عالِيها

لا تَعْرِفُ القَطْرَ إِذْ كانَ الغَمامُ لَها ... أرْضاً تَوَطَّأَ قُطْرَيْهِ مَواسِيها

إذا الغمامَةُ راحَتْ خاضَ ساكِنُها ... حِياضَها قَبْلَ أَنْ تُهْمَى عَزالِيها

يُعَدُّ مِنْ أَنْجُمِ الأَفْلاكِ مَرْقَبُها ... لَوْ أَنَّهُ كانَ يَجْرِي فِي مَجارِيها

عَلَى ذُرىً شامِخٍ وَعْرٍ قَدِ امْتَلأَتْ ... كِبْراً بِهِ وَهْوَ مَمْلُؤٌ بِها تِيها

لَهُ عُقابُ الجَوِّ حائِمَةٌ ... مَنْ دُونِها فَهْيَ تَخْفَى فِي خَوافِيها

رَدَتْ مَكائِدَ أَمْلاكٍ مَكائِدُها ... وَقَصَّرَتْ بِدَواهيهِمْ دَواهِيها

أوْطَأْتَ هِمَّتَكَ العَلْياءَ هامَتَها ... لَمَّا جَعَلْتَ العَوالِي مِنْ مَراقِيها

فَلَمْ تَقِس بِكَ خَلْقاً فِي البَرِّيَّةِ إِذْ ... رَأَتْ قَسِيَّ الرَدَى في كَفِّ باريها

<<  <   >  >>