للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحسن بن وهب: يحتاج الكاتب إلى خلال: جودة بري القلم، وإطالة جلفته، وتحريف قطّته، وحسن التأتّي لامتطاء الأنامل، وإرسال المدّة بعد إشباع الحروف، واستواء الرسوم، وحلاوة المقاطع.

وقال بعض الكتّاب: عطّروا دفاتركم بجيّد الحبر، فإنّ الكتب غوان والحبر غوال.

وقال بعض الكتاب أيضا: [الوافر]

وما روض الربيع وقد زهاه ... ندى الأسحار يأرج بالغداة

بأضوع أو بأسطع من نسيم ... تؤدّيه الأفاوه من دواة

كأنّ هذا من قول الآخر: [الوافر]

دعيّ في الكتابة ليس منها ... له فكر يعدّ ولا بديه

كأنّ دواته من ريق فيه ... تلاق، فريحها أبدا كريه

ونظر جعفر بن محمد إلى فتى على ثيابه أثر مداد، وهو يستره، فقال له: [الكامل]

لا تجزعنّ من المداد فإنه ... عطر الرجال وحلية الكتّاب

ولبعضهم يهجو كاتبا: [الوافر]

حمار في الكتابة يدّعيها ... كدعوى آل حرب في زياد

فدع عنك الكتابة لست منها ... ولو لطّخت نفسك بالمداد

وقال كشاجم لورّاق يدّعي الكتابة: [الكامل]

وزعمت أنّك في الكتابة مدرك ... شأوي، فقلت: رماحنا أقلام (١)

هيهات تلك صناعة ممزوجة ... فيها ضياء واضح وظلام

هذا الحديد سلاح أبطال الوغى ... وبه يمج دماءنا الحجّام

وقال أبو العيناء: كنت عند إبراهيم بن العباس، وهو يكتب كتابا، فنقطت من القلم نقطة مفسدة، فمسحها بكمّه؛ فتعجّبت، فقال: لا تعجب، المال فرع والقلم أصل، والأصل أحوج إلى المراعاة من الفرع، وبهذا السواد جاءت هذه الثياب، ثم أطرق قليلا وقال: [الوافر]

إذا ما الفكر ولّد حسن لفظ ... وأسلمه الوجود إلى العيان

ووشّاه فنمنمه جواد ... فصيح في المقال بلا لسان

ترى حلل البيان منشّرات ... تجلّى بينها صور المعاني


(١) الأبيات في ديوان كشاجم ص ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>