للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمّا كثرن وعنّينه ... تخيّر منها جوادا جيادا

فأعزل مرجانها جانبا ... وآخذ من درّها المستجادا

وقال عريف القوافي: [الطويل]

أبيت بأبواب القوافي كأنّما ... أصادي بها سربا من الوحش نزّعا (١)

عواصي إلا ما جعلت وراءها ... عصا مربد تغشى وجوها وأذرعا

إذا خفت أن تروى عليّ رددتها ... وراء التراقي خشية أن تطلّعا

أصادي: أداري، وجعل القوافي تقتحم عليه كالإبل، وهو يضربها بعصاه حتى يختار جيادها.

[[الدواة والمداد والقلم]]

قوله «ألق»، أي اجعل فيها ليقة، تقول: لقت الدواة فهي مليقة، وألقتها فهي ملاقة، وجمع اللّيقة ليق. ويقال للصّوفة قبل أن تبلّ بالمداد: البوهة والموارة، فإذا بلّت بالمداد سمّيت ليقة، وقد يقال لها: ليقة قبل أن تبلّ، سميت بما تؤول إليه، كما قيل للكبش: ذبيح، وللصيد: رميّة، فإن كانت قطنة فهي العطبة والكرسفة، وكرسفت الدواة كرسفة، والقطن كلّه يقال له: العطب والكرسف.

ويقال للمداد: نقس ونقس، والكسر أفصح، وقيل: الفتح مصدر نقستها، جعلت فيها نقسا، والحبر من المداد بالكسر لا غير، والحبر بالفتح والكسر: العالم. وقال بعضهم: سمّي المداد حبرا باسم العالم، كأنهم أرادوا مداد حبر، فحذفوا، ولو كان ما قالوه صحيحا لقالوا للمداد: حبر بالفتح، والأشبه أن يسمّى حبرا لأنه يحسّن الكتابة، من قولهم: حبرت الشيء إذا حسّنته. ويقال للجمال: حبر وسبر، فمداد حبر، كقولك مداد زينة وجمال، أو يكون من الحبر والحبار، وهو الأثر، فيسمّى بذلك لتأثيره في الكتاب.

ويقال: مددت الدواة أمدّها مددا، إذا جعلت فيها مدادا، فإن كان فيها مداد فزدت عليه قلت: أمددتها، فإذا أمرته أن يأخذ من المداد بالقلم قلت: استمدد، فإن سألته أن يعطيك على القلم مدادا، قلت: أمدد لي من دواتك، واستمددته أنا؛ سألته أن يمدّني. وقال الخليل: مدّني وأمدّني: أعطني من مداد دواتك، وكلّ شيء زاد في شيء فهو مداد له، وأمهت الدّواة وموّهتها؛ إذا جعلت فيها ماء، والأمر من ذلك كلّه أمه وموّه دواتك.


(١) البيت الأول لسويد بن كراع في لسان العرب (بوب)، وتاج العروس (بوب)، والأغاني ١٢/ ٣٩٩، والشعر والشعراء ص ٦٣٩، والبيت الثاني لسويد بن كراع في مقاييس اللغة ٢/ ٤٧٦، والشعر والشعراء ص ٦٣٩، وبلا نسبة في لسان العرب (ربد)، وتهذيب اللغة ١٤/ ١٠٩، وجمهرة اللغة ص ٢٩٧، والمخصص ٧/ ٩١، وتاج العروس (ربد).

<<  <  ج: ص:  >  >>