للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[السرقات الشعرية]]

وتقسيم الحريريّ السرقة في قوله: سلخ ومسخ ونسخ، يدخل تحت أحكام السرقات التي عدّها أبو محمد الحسين بن علي بن وكيع رحمه الله تعالى في كتابه المترجم بالمنصف في الدلالات على سرقات المتنبي، فإنه جعلها عشرين وجها عشرة أوجه يغفر في سرقتها ذنب الشاعر للدلالة على فطنته.

الأول منها استيفاء اللفظ الطويل في الموجز القصير، كقول طرفة: [الطويل]

أرى قبر نحّام بخيل بماله ... كقبر غويّ في البطالة مفسد (١)

اختصره ابن الزّبعرى، فقال: [الوافر]

والعطيّات خساس بينهم ... وسواء قبر مثر ومقل (٢)

ففضل صدر بيته وجاء ببيت طرفة في عجز بيت أقصر منه بمعنى لائح ولفظ واضح.

الثاني: نقل اللفظ الرذل إلى الرشيق الجزل، كقول العباس بن الأحنف: [الرمل]

زعموا لي أنها باتت تحمّ ... ابتلى الله بهذا من زعم (٣)

اشتكت أكمل ما كانت كما ... يكسف البدر إذ ما قيل تم

فهذا معنى لطيف أخذه ابن المعتز فقال: [الطويل]

طوى عارض الحمّى سناه فحالا ... وألبس ثوبا للسّقام هزالا

كذا البدر محتوم عليه إذا انتهى ... إلى غاية في الحسن عاد هلالا

الثالث: ما قبح مبناه دون معناه إلى ما حسن مبناه ومعناه، كقول أبي نواس:

[الرمل]

بحّ صوت المال ممّا ... منك يدعو أو يصيح (٤)

ما لهذا آخذ فو ... ق يديه من يصيح

معناه صحيح ولفظه قبيح، أخذه مسلم فقال: [البسيط]

تظلم المال والأعداء من يده ... لا زال للمال والأعداء ظلّاما

فجوّد الصنعة وجمع بين تظلمين كريمين، ودعا للممدوح بدوام ظلمه للمال


(١) البيت في ديوان طرفة بن العبد ص ٣٣، ولسان العرب (نحم)، وتهذيب اللغة ٤/ ٣٨١، وتاج العروس (نحم)، وهو بلا نسبة في كتاب العين ٣/ ٢٥٢.
(٢) البيت في ديوان عبد الله بن الزبعرى ص ٤١، وتاج العروس (لبط)، وهو بلا نسبة في المخصص ٣/ ٩٣.
(٣) البيتان في ديوان العباس بن الأحنف ص ٢٥٢، وديوان المعاني ٢/ ١٦٥.
(٤) البيتان في ديوان أبي نواس ص ٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>