للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[طيبة]]

طيبة مدينة النبي صلّى الله عليه وسلم، وطيّب الله تربتها بأن صيّرها موطنا لنبيه صلّى الله عليه وسلم، في حياته ومستقرّا له بعد مماته. وذكر شيخنا ابن جبير المدينة فقال: للمدينة المكرّمة أربعة أبواب وهي تحت سورين في كلّ سور باب يقابله آخر: باب الحديد، وباب الشريعة، وباب القبلة، وباب البقيع، وبين سورها الغربيّ وخندق النبي صلّى الله عليه وسلم مقدار غلوة، وبين السور والخندق عين النبي صلّى الله عليه وسلم، وعليه حلق عظيم مستدير، ومنبع العين وسطه، كأنه الحوض المستطيل، وتحت العين سقايتان بينهما جدار لطهر الناس وغسل أثوابهم، والعين للاستقاء والعين تمد السقايتين، وتهبط إليهما على خمس وعشرين درجة، وماؤها يعم أهل الأرض فضلا عن أهل المدينة. وبمقربة من الحوض ممّا يلي الحوض حجر الزيت، يقال: إنّ الزيت رشح للنبي صلّى الله عليه وسلم من ذلك الحجر. وبالقرب منه بئر بضاعة وبإزائها من الجهة اليسار جبل الشّيطان حيث صرخ يوم أحد: قتل نبيكم. وعلى شفير الخندق حصن العزّاب، وهو خرب. كان عمر رضي الله عنه بناه لعزّاب المدينة، وأمامه لجهة الغرب على بعد بئر رومة التي اشتراها عثمان رضي الله عنه بعشرين ألفا. وداخل باب الحديد سقاية يهبط إليها على أدراج، وهي بمقربة من الحرم المكرّم، وبقبليّ الحرم دار مالك بن أنس رضي الله عنه. ويطيف بالحرم شارع مبلط بالحجر المنحوت، وفي جوفي المدينة جبل أحد على ثلاثة أميال منها، وبقبليّة مسجد حمزة، وقبره برحبة بجوفي المسجد، وبإزائه قبور الشهداء، وحوله تربة حمراء أنزل فيها سورة الفتح الشريفة، وشرقي المدينة بقيع الغرقد، وإذا خرجت على باب البقيع تلقي على يسارك قبر صفيّة عمة النبي صلّى الله عليه وسلم وأم الزبير، وأمامها قبة مختصرة البناء على قبر مالك بن أنس. وأمامه قبر السلالة الطاهرة إبراهيم ابن النبي صلّى الله عليه وسلم عليه قبة بيضاء وعلى يمينها قبر عبد الرحمن بن عمر، الذي جلده أبوه الحدّ فمات، وبإزائه قبر عقيل بن أبي طالب وعبد الله بن جعفر، وبإزائه روضة صغيرة فيها ثلاثة من أبنائه صلّى الله عليه وسلم، ويليها روضة العباس والحسن رضي الله عنهما، وعليها قبة مرتفعة في الهواء، وقبراهما مرتفعان على الأرض مغشيان بألواح ملتصقة أبدع التصاق، مرصعة بالصفائح الصّفر مسكوكة بمسامير على أبدع صفة، وعلى هذا الشكل قبر إبراهيم عليه السلام ابن النبي صلّىالله عليه وسلم، وفي آخر البقيع قبر عثمان بن عفان الشهيد، وعليه قبة مختصرة البناء، وبمقربة منه قبر فاطمة بنت أسد أم عليّ كرم الله وجهه، ومشاهد البقيع أكثر من أن تحصى لأنها مدفن الصحابة رضي الله عنهم. وقبل المدينة على نحو الميلين قباء، وكانت مدينة كبيرة متصلة بالمدينة المكرّمة، وبها المسجد الذي أسس على التقوى وهو مربع مستوى الطول والعرض له باب واحد من جهة الغرب، وهو سبع بلاطات في الطول، ومثلها في العرض، وفيه صومعة طويلة بيضاء تظهر على البعد، وفي وسطه مبرك الناقة بالنبيّ صلّى الله عليه وسلم، عليه حلق قصير شبه الروضة، يتبرّك الناس بالصلاة فيه وفي صحنه مما يلي القبلة شبه محراب على مسطبة، وهو أوّل موضع ركع فيه النبي صلّى الله عليه وسلم،

<<  <  ج: ص:  >  >>