للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المقامة التاسعة وهي الإسكندرانية]

قال الحارث بن همّام: طحا بي مرح الشّباب؛ وهوى الاكتساب، إلى أن جبت ما بين فرغانة وغانة، أخوض الغمار، لأجني الثّمار، وأقتحم الأخطار، لكي أدرك الأوطار، وكنت لقفت من أفواه العلماء، وثقفت من وصايا الحكماء، أنّه يلزم الأديب الأريب، إذا دخل البلد الغريب، أن يستميل قاضية، ويستخلص مراضيه، ليشتدّ ظهره عند الخصام، ويأمن في الغربة جور الحكّام؛ فاتّخذت هذا الأدب أماما، وجعلته لمصالحي زماما، فما دخلت مدينة، ولا ولجت عرينة، إلّا وامتزجت بحاكمها امتزاج الماء بالرّاح، وتقوّيت بعنايته تقوّي الأجساد بالأرواح.

***

طحا بك قلبك ووهمك طحوا وطحيا: ذهب بك، وطحا الله الأرض. ودحاها:

بسطها. ابن الأنباريّ: طحا قلبه في الهوى واللهو، إذا تطاول وتمادى، قال علقمة:

[الطويل]

* طحا بك قلب في الحسان طروب (١) *

مرح الشباب: نشاط الفتوة. جبت: قطعت ومشيت.

[[فرغانة]]

فرغانة: مدينة في أقصى خراسان، وكان فيها بيت يسمّى هيكل الشمس، بناه فارس الملك، وخرّبه المعتصم، وبها قتل قتيبة بن مسلم الباهليّ أمير خراسان سنة ثلاث وخمسين، وبينها وبين سمرقند ثلاثة وخمسون فرسخا. قال اليعقوبيّ: من سمرقند إلى أسروشنة خمس مراحل شراقا، ومن أسروشنة إلى فرغانة مرحلتان، ومدينة فرغانة التي


(١) عجزه:
بعيد الشباب عصر حان مشيب
والبيت لعلقمة الفحل في ديوانه ص ٣٣، والأضداد ص ١٤٩، وخزانة الأدب ٤/ ٢٨٩، ولسان العرب (طحا)، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٩٩، ورصف المباني ص ٣٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>