قال الشيخ الأستاذ اللغوي النحويّ أبو العباس أحمد بن عبد المؤمن بن عيسى بن موسى بن عبد المؤمن القيسي الشريشي، تغمده الله برحمته ورضوانه، وأسكنه فسيح جناته بمنه وكرمه آمين:
الحمد لله الذي اختصّ هذه الأمة بأفصح الألسنة وأفسح الأذهان، وشرّف علماءها بالافتنان في أفانين البلاغة والبيان، وميّزنا بين سائر الأمم بالنثر المتفق الفقر والنظم المعتدل الأوزان.
نحمده على أفئدة هداها، وألسنة أطال في شأو البلاغة مداها، ونصلّي على سيد المرسلين، وخيرة العالمين، الذي ختمت بنبوته العامة النبوة، ونسخت بشرعته التّامة الكتب المتلوة، محمد سيد هذا العالم والمخصوص بعلوّ المكانة، وعموم الديانة في ولد آدم، وعلى آله وصحبه الذين عزّروه ووقروه، وآووه إيواء الموفين بالعهود ونصروه، ونقلوا شرعه الكريم نقل التواتر وآثروه، وسلم تسليما، وآتاهم من لدنه رحمة وأجرا عظيما.
ورضي الله عن الإمام المعصوم، المهدي المعلوم، مجدد معالم الديانة، والمليء بأداء الأمانة، والمشهور على تعاقب العصور بالزمان والمكان والمكانة، وعن خلفائه الراشدين المرشدين أئمة الهدى، والتالين له في شرف ذلك المدى، والقائمين بأعباء أمره الموعود أنه يبقي أبدا.
ونسأل الله تعالى لسيدنا الخليفة الإمام أمير المؤمنين ابن الخلفاء الأئمة الراشدين، سعدا يعلى أعلامه. ونصرا يصحب قلمه وحسامه، وتأييدا يظهر أمره وينصر اعتزامه، حتى ينتظم شذّان الأمصار في سلك ملكه، وتزدحم وفود الأمم على غمر برّه، وتنطوي ضمائر القلوب ومخبّآت الغيوب على إخلاص طاعته والانثناء لأمره.
أما بعد؛ فإن العلم أربح المكاسب، وأرجح المناصب، وأرفع المراتب، وأنصح المناقب، وحرفة أهل الهمم من الأمم، ونحلة أهل الشرف من السلف، لم يتقلد سلكه إلا جيد ماجد ولم يتوشح برده إلا عطف جادّ في طلب الكمال جاهد ولم يستحق اسمه إلا الواحد الفذ بعد الواحد، وهو وإن تشعّبت أفانينه، وتنوعت دواوينه؛ فعلم الأدب