للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: أيّها المتوشّح بالولاية، المترشّح للرّعاية؛ دع الإدلال بدولتك، والاغترار بصولتك؛ فإنّ الدّولة ريح قلّب، والإمرة برق خلّب. وإن أسعد الرّعاة، من سعدت به رعيّته، وأشقاهم في الدّارين من ساءت رعايته؛ فلا تك ممّن يذر الآخرة ويلغيها، ويحبّ العاجلة ويبتغيها، ويظلم الرّعيّة ويؤذيها؛ وإذا تولّى سعى في الأرض ليفسد فيها؛ فو الله ما يغفل الدّيان، ولا تهمل يا إنسان، ولا تلغى الإساءة ولا الإحسان؛ بل سيوضع لك الميزان، وكما تدين تدان.

قال: فوجم الوالي لما سمع، وامتقع لونه وانتقع، وجعل يتأفّف من الإمرة، ويردف الزّفرة.

[[اللثغ من الشعر]]

وذكر اللثغ، وللشعراء في اللثغ ما يستحسن، قال ابن شهيد: [الكامل]

مرض الجفون ولثغة في المنطق ... شيئان جرّا عشق من لم يعشق

ينبي فينبو في الكلام لسانه ... فكأنه من خمر عينيه سقي

لا ينعش الألفاظ من عثراتها ... ولو أنها كتبت له في مهرق

وأحسن ما في وصفه قول الرماديّ: [الكامل]

لا الراء تطمع في الوصال ولا أنا ... الهجر يجمعنا فنحن سواء

فإذا خلوت كتبتها في راحتي ... فبكيت منتحبا أنا والراء

اخذه أبو القاسم بن العريف، فقال: [الخفيف]

أيها الألثغ الذي شفّ قلبي ... جد بحرف ولو نطقت بسبّي

هجرك الراء مثل هجري سواء ... فكلانا معذّب دون ذنب

فإذا شئت أن أرى لي مثالا ... في غرامي خططت راء بجنبي

***

قوله: «المتوشّح» أي المحتزم. والمترشح: المهيأ للرعاية أي لحفظ الناس.

الاغترار الانخداع. صولتك: عزّك وقهرك، يقال: صال الرجل على قرنه، والفحل على إبله، أي قهر وعلا، والفحل أيضا عض، وربما همز فعل الفعل. قلّب، أي متقلّب.

خلّب: خادع لا ماء فيه، يريد أنّ الولاية تنقل من إنسان إلى آخر. تلغى: تهمل.

العاجلة: الدنيا لأن خيرها معجّل. تولّى: صار واليا. سعى: مشى مسرعا.

ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من ولي من أمر أمتي شيئا

<<  <  ج: ص:  >  >>