للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونزّلته منزلة البرء عند الدّنف. وسألته أن يلازمني فأبى، أو يزاملني فنبا، وقال:

آليت في حجّتي هذه ألّا أحتقب ولا أعتقب، ولا أكتسب ولا أنتسب، ولا أرتفق ولا أرافق، ولا أوافق من ينافق.

ثم ذهب يهرول، وغادرني أولول.

فلم أزل أقريه نظري، وأودّ لو يمشي على ناظري، حتّى توقّل أحد الأطواد، ووقف للحجيج بالمرصاد.

فلمّا شاهد إيضاع الرّكبان في الكثبان، وقّع بالبنان على البنان.

***

قوله: فلما أقلح عقم الأفهام، أي جعل العقيم منها حاملا بالعلم والفهم.

استروحت: شممت فوجدت رائحته. ماد: مال. الارتياح: الطّرب. مكثت: أقمت.

أستوعب: أستوفي: نثّ: نشر. أكمته: كديته (١). دلفت: أسرعت. أتصفّح: أنظر.

صفحات محيّاه: جهات وجهه. أستشفّ: أبالغ النظر فيها. جوهر حلاه: خلقة صفاته.

أنشدها: أطلبها. القلائد: جمع قلادة، وهي ما يجعل في العنق من سلوك الجوهر وغيرها، ومنه تقليد البدن بمكة، وتقلّدت بالسيف: جعلته في عنقي، وقلّدتك الأمر:

جعلته في عنقك، وناظم القلائد: جاعلها في خيطها، ويعني بالقلائد ما نثر من وعظه، وأنشده من شعره- وصدق لعمري إنّ كلامه المنظوم والمنثور أبهى من القلائد في أعناق الخرائد.

وقوله: عناق اللام للألف، أمّا بخط المغرب فلا معانقة بينهما إلا في الطرفين، وربما وقعت في بعض هذا الخطّ كالصليب، وفي بعضه لا التقاء بينهما البتّة، وإنما يريد صورة لام ألف بالخطّ الكوفيّ، وهما بذلك الخط متعانقان متلازمان من الأعلى إلى الأسفل. وأخذ اللفظ من قول بكر بن خارجة: [البسيط]

يا من إذا قرأ الإنجيل ظلّ له ... قلب الحنيف عن الإسلام منصرفا

رأيت شخصك في نومي يعانقني ... كما تعانق لام الكاتب الألفا

[[العناق ومما قيل فيه شعرا]]

ونذكر هنا ما يستحسن في العناق، قال البحتريّ: [الرجز]

تلك نعم لو أنعمت بوصال ... لشكرنا في الوصل إنعام «نعم» (٢)


(١) الكدية: الأرض الغليظة.
(٢) البيتان في ديوان البحتري ص ١٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>