للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المقامة الحادية عشرة وهي الساوية]

حدّث الحارث بن همام، قال: أنست من قلبي القساوة، حين حللت ساوة، فأخذت بالخبر المأثور، في مداوتها بزيارة القبور.

فلمّا صرت إلى محلّة الأموات، وكفات الرّفات، رأيت جمعا على قبر يحفر، ومجنوز يقبر، فانحزت إليهم متفكّرا في المآل، متذكّرا من درج من الآل.

فلمّا ألحدوا الميت، وفات قول ليت، أشرف شيخ من رباوة، متخصّرا بهراوة، وقد لفّع وجهه بردائه، ونكّر شخصه لدهائه.

***

الحادية عشرة، تبنى على الفتح كبناء أحد عشر. آنست: أدركت وأحسست.

القساوة: غلظ القلب. وقلب قاس وقسيّ، أي صلب، وقلوب قاسية وقسيّة؛ وهما عن السكائيّ والفرّاء لغتان بمعنى واحد.

أبو عبيدة: القاسية مأخوذة من القسوة، والقسّية التي ليست خالصة الإيمان، كالدرهم القسيّ وهو الذي خالطه غش من نحاس أو غيره، وقد قسا القلب يقسو قساوة، وقساء: صلب.

ساوة: بلد بينه وبين الرّي اثنان وعشرون فرسخا، وهي في الطريق ما بين همذان والرّيّ.

الخبر المأثور، أي المحدّث به، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «عودوا المرضى، واحضروا المقابر، فإنّها تزهّد في الدنيا، وتذكّر الآخرة» (١).

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ثم بدا لي فزوروها، فإنها ترقّق القلب، وتدمع العين، وتذكّر الآخرة» (٢).


(١) أخرجه البخاري في المرض باب ٤، وأحمد في المسند ٣/ ٢٣، ٣١، ٤٨، ٣٩٤، ٤٠٦.
(٢) روي بطرق وأسانيد متعددة، أخرجه مسلم في الجنائز حديث ١٠٦، والأضاحي باب ٣٧، وأبو داود في الجنائز باب ٧٧، والأشربة باب ١٧، والترمذي في الجنائز باب ٧، والنسائي في الجنائز باب

<<  <  ج: ص:  >  >>