ربّ رمية من غير رام، أي قد يصيب الغرض من ليس له علم بالرماية، وهو مثل، قاله حكيم بن عبد يغوث المنقريّ، وكان حكيم من أرمى الناس، فأقسم يوما ليعقرنّ ولا بدّ، فخرج ومعه قوسه فرمى ولم يصنع شيئا، فبات ليله بأسوإ حال، وفعل في اليوم الثاني والثالث كذلك، فلما أصبح قال لقومه: ما أنتم صانعون، فإني قاتل اليوم نفسي إن لم أعقر اليوم مهاة؟ فقال له ابنه: يا أبت احملني معك، أرفدك، فقال: وما أحمل من رعش وهل، جبان فشل، فانطلقا فإذا هما بمهاة فرماها فأخطأها، ثم مرت به أخرى، فقال له ابنه مطعم: يا أبت ناولني القوس، فغضب أبوه وهمّ أن يعلوه بها، فقال له مطعم: أحمد بحمدك، فإن سهمي سهمك، فناوله القوس، فرمى مطعم فلم يخطئ، فقال عند ذلك حكيم: رب رمية من غير رام، وقال:[الوافر]
رماها مطعم من غير علم ... بمسّ القوس لم يخطئ صلاها
وكان أبوه قد آلى عليها ... فلم تبرر أليّته مهاها
***
[الخفيف]
أيها العالم الفقيه الذي فا ... ق ذكاء فما له من شبيه
أفتنا في قضيّة حاد عنها ... كلّ قاض وحار كلّ فقيه
رجل مات عن أخ مسلم حرّ ... تقيّ من أمّه وأبيه
وله زوجة لها أيّها الح ... بر أخ خالص بلا تمويه
فحوت فرضها وحاز أخوها ... ما تبقّى بالإرث دون أخيه
فاشفنا بالجواب عمّا سألنا ... فهو نصّ لا خلف يوجد فيه
فلما قرأت شعرها، ولمحت سرّها، قلت له: على الخبير سقطت، وعند ابن بجدتها حططت، إلّا أني مضطرم الأحشاء، مضطرّ إلى العشاء؛ فأكرم مثواي، ثمّ استمع فتواي؛ فقال: لقد أنصفت في الاشتراط؛ وتجافيت عن الاشتطاط؛ فصر معي إلى مربعي لنظفر بما تبتغي، وتنقلب كما ينبغي. قال: فصاحبته إلى ذراه، كما حكم الله. فأدخلني بيتا أحرج من التابوت، وأوهن من بيت العنكبوت، إلّا أنّه جبر ضيق ربعه، بتوسعة ذرعه، فحكّمني في القرى، ومطايب ما يشترى؛ فقلت: أريد أزهى راكب على أشهى مركوب، وأنفع صاحب مع أضرّ مصحوب.