قوله:«الجوى»، أي مرض القلب. نديل: نعوّض، والإدالة: أن يكون الشيء لك مرة ولغيرك أخرى وهي من الدّولة. النوى: البعد أو يريد: هلمّ لنجدّد المودّة في هذه الليلة، ويكون ذلك عوضا من طول الفرّاق، فقد عزمت على أن أنسلّ بالسّحر وأفرّ، والانسلال: الخروج مستخفيا. أصلي قلب الوالي: أجعله متحرّقا بالتحسر والتفجع.
***
قال: فقضيت اللّيلة معه في سمر، آنق من حديقة زهر، وخميلة شجر، حتّى إذا لألأ الأفق ذنب السّرحان، وآن انبلاج الفجر وحان، ركب متن الطّريق، وأذاق الوالي عذاب الحريق، وسلّم إليّ ساعة الفراق، رفعة محكمة الإلصاق، وقال:
ادفعها إلى الوالي إذا سلب القرار، وتحقّق منّا الفرار؛ ففضضتها فعل المتملّس، من مثل صحيفة المتلمّس.
***
قضّيت: أتممت. سمر: حديث بالليل يسمر عليه. آنق: أحسن. حديقة: بستان، ولا تكون إلا تحت حائط أو زرب. زهر: تور. خميلة: روضة فيها شجر. لألأ: لمع وأضاء. الأفق: جهات السماء. ذنب السّرحان، هو الفجر الكاذب، وهو ضوء يظهر قبل الفجر دقيق متصعّد إلى السماء. والسّرحان: الذئب، شبّه ضوأه بذنبه. آن: حان وقرب.
انبلاج الفجر: ظهور ضوئه. متن: ظهر. الحريق: سلّم: ترك. محكمة الإلصاق: متقنة الطيّ. القرار: السكينة، يريد أنّ الوالي إذا أخبر بهربنا ذهب عقله، فجعل يتململ ولا يقرّ. فضضتها: كسرت ختامها.
[[المتلمس وصحيفته]]
والمتلمّس، شاعر مشهور، اسمه جرير بن عبد المسيح، وسمّي المتلمّس بقوله:[الطويل]
فهذا أوان العرض جنّ ذبابه ... زنابيره والأزرق المتلمّس (١)
وهو مأخوذ من تلمّس الرجل الحاجة، إذا طلبها سرّا من غيره، وأصل ذلك من اللّمس باليد، كالذي يلمس بيده في الظلام مواضع خفيّة يطلب منهاشيئا ضاع منه، أو كلمس الأعمى شيئا بيده.
(١) البيت للمتلمس في ديوانه ص ١٢٣، والاشتقاق ص ٣١٧، وجمهرة اللغة ص ٧٤٧، وخزانة الأدب ٤/ ١٨٥، ١٨٦، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٦٦٢، ولسان العرب (لمس)، (عرض)، وبلا نسبة في خزانة الأدب ٦/ ٥٤٦، والخصائص ٢/ ٣٧٧، وسر صناعة الإعراب ٢/ ٥١٠، ويروى «حيّ ذبابه» بدل «جنّ ذبابه».