كن لي أكن لك، واسع لي أسع لك، والمراد به كن لي أكثر مما أكون لك لأن الإضاءة أكثر نفعا من القدح، ويقال: معناه: تولّ الأمر الهيّن أتولّ الأمر الصعب. ليسر: ليزل وليذهب. سرى عرق الشجرة يسري: دبّ تحت الأرض، وسرى يسري سار.
[[قصة المثل: رب أخ لم تلده أمك]]
ربّ أخ لك لم تلده أمك، معناه قد وجدت مني صديقا يقوم لك مقام شقيقك، وأصل المثل أن لقمان بن عاد رأى امرأته قد خلا بها رجل وهي تلاعبه ويلاعبها، ومعها صبيّ صغير يبكي، وهما قد أقبلا على شأنهما لا يكترثان به، فسألها عن الرّجل، فقالت:
هو أخي، فقال ربّ أخ لك لم تلده أمك، يكذّبها في قصدها أي هو أخوك بالمحبّة والصداقة لا بالولادة. وقال في الدرّة: حكى ابن نصر الكاتب أن أباالعباس بن ياسر دخل عليه، رجل نصرانيّ ومعه فتى من أهل ملّته حسن الوجه، فقال له: من هذا الفتى؟
فقال له: بعض إخواني، فأنشد أبو العباس: [الطويل]
دعتني أخاها أمّ عمرو ولم أكن ... أخاها ولم أرضع لها بلبان (١)
دعتني أخاها بعد ما كان بيننا ... من الأمر مالا يصنع الأخوان
وقالوا في هذا المعنى: ربّ بعيد أقرب من قريب، وقالوا: القريب من قرب نفعه، وقال أبو تمام: [الكامل]
ولقد سبرت الناس ثم خبرتهم ... وبلوت ما وصفوا من الأسباب
فإذا القرابة لا تقرّب قاطعا ... وإذ المودّة أقرب الأنساب
وقال ابن ميادة: [الطويل]
وإنّي لزوّار لمن لا يزورني ... إذا لم يكن في ودّه بمريب
تقرّب لي دار الحبيب وإن نأت ... وما دار من أبغضته بقريب
فلا تطلبنّ القرب والبعد بعدها ... إلى غير نيّات وغير قلوب
وقال آخر: [الطويل]
أخو ثقة يسرّ ببعض شأني ... وإن لم تدنه منّي قرابه
أحبّ إليّ من ألفي قريب ... بنات قلوبهم لي مسترابه
وقال ابن هرمة: [الكامل]
هشّ إذا وقف الوفود ببابه ... سهل الحجاب مؤدّب الخدّام
(١) البيت الأول لعبد الرحمن بن الحكم في معجم شواهد العربية ص ٣٩٧، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ٤٤٠، وشرح شذور الذهب ص ٤٨٢، وشرح المفصل ٦/ ٢٧، والمقرب ١/ ١٢١.