للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد أن يعرف قدر سقي الفرات فليقف على هذا الفصل الذي ذكرناه.

وقوله: «كتابا أبرع من بني الفرات»، أي أحذق وأزيد فضيلة.

[[بني الفرات]]

والفرات رجل من عجل كان له أبناء مشاهير بالكتابة والحذاقة والبراعة، وتقلّد الوزارة، قال في بعضهم صالح بن موسى رحمه الله: [المجتث]

آل الفرات نداهم ... على الفرات يزيد

وأنت فضلك فيهم ... وعليك منه شهود

وقال ابن المعتز في علي بن محمد بن الفرات: [الطويل]

أبا حسن ثبّت في الأمر وطأتي ... وأدركتني في المعضلات الهزاهز

وألبستني درعا عليّ حصينة ... فناديت صرف الدهر: هل من مبارز!

وقال عليّ بن بسام: [الطويل]

وقفت شهورا للوزير أعدّها ... فلم تثنه نحوي الحقوق السوالف

فلا هو يرعاني رعاية مثله ... ولا أنا أستحيي الوقوف وآنف

وكان موسى بن الفرات عاملا لأحمد بن الخصيب وزير المنتصر بن المتوكل، واستوزر المقتدر أبا الحسن عليّ بن محمد بن الفرات ثلاث مرات، يعزله ثم يردّه وقتل المقتدر وأبو الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات وزيره.

وتولّى بعض دواوين المقتدر أبو طالب بن جعفر بن الفرات والحسن بن أبي الحسين بن الفرات. فكان محل آل الفرات، الوزارة والكتابة والبراعة والحذاقة.

وحكي أن بعض الأدباء جوّز بحضرة الوزير أبي الحسن بن الفرات أنّ السين تقام مقام الصاد في كلّ موضع فقال له الوزير: أتقرأ: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ [الرعد: ٢٣]، أو «ومن سلح؟ » فخجل الرجل وانقطع.

ومثل هذه النادرة أن النضر بن شميل مرض، فدخل عليه قوم يعودونه، فقال له رجل منهم: يكنى أبا صالح: مسح الله ما بك، فقال له: لا تقل مسح بالسين ولكن بالصاد بمعنى أذهب، وهو كلام العرب. فقال أبو صالح إن السين تبدل من الصاد كالصراط والسراط وصقر وسقر، فقال له النضر: فأنت إذا أبو سالح! فخجل الرجل.

قوله: «أعذب من الماء الفرات» أي أحلى، والماء الفرات: العذب الحلو أطفت:

أي ألممت ونزلت. لتهذّبهم: لظرفهم وتخلصهم من عيوب الجفاء كاثرتهم: صاحبتهم فكثّرت عددهم بي. مآدبهم: طعامهم. أضراب: أمثال.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>