قوله لهذم: هو سنان الرّمح، بنت الكرم: الخمر، وتجهيزها: حملها، والطاس:
إناء الخمر كالإبريق يصبّ منه الشراب في الكأس، وجمعه طاسات، وقال الناشي:
وكأنما الطاسات ممّا حولها ... من نورها يسبحن في ضحضاح
لو بثّ في غسق الظلام ضياؤها ... طلع المساء بغرّة الإصباح
[[مما قيل في الغناء]]
وقدّم في المقامة أنه لا يجهزها إلا مصحوبة بالقينة، أي لا يشربها إلا بالغناء، وقد ذمّوا الغناء ومدحوه، فأما ذمه، فقال الكنديّ: الغناء برسام حادّ، لأن المرء يسمع فيطرب، فيسمح فيفتقر، فيغتمّ فيمرض فيموت.
وقال يزيد بن الوليد: إياكم والغناء فإنه يسقط المروءة، وينقص الحياء، ويبدي العورة، ويزيد في الشهوة، وإنه لينوب عن الخمر، ويصنع بالعقل ما يصنع به السّكر وأن كان ولا بد فجنّبوه النساء، فإنّ الغناء داعية الزنا.
وأما مدحه فقال ربيعة بن عبد الرحمن: السماع مطربة، وهو من نتيجة العقل، فمن كره السماع، دلّ بذلك على قلة عقله.
وقال بعض الفلاسفة، وجعلت اللّذات خمسا في خمس، فجعل اللمس لليدين والشم للمنخرين، والسمع للأذنين، والذوق للسان، واللون للعينين، وعلى كل جارحة تعب من اللذات إلا النّغمة، فإنه لا تعب على الأذنين فيها، ولذلك صار النّاس كلّهم عربيّهم وعجميّهم، صغيرهم وكبيرهم مشتركين في الإصاخة إلى النّغمة الحسنة، والصوت المستمتع، متباينين في غير ذلك، وقد يوجد أكثرها في أكثر الحيوان كالخيل يصفر لها عند الشرب، فتشرب والإبل يحدى لها فتنقاد، قال الشاعر: [الوافر]
فليس الشّراب إلّا بالملاهي ... وبالحركات في بم وزير
فلا تشرب بلا طرب فإني ... رأيت الخيل تشرب بالصّفير
وقال آخر: [الخفيف]
فانظر إلى الإبل الّتي ... هي- ويك- أغلظ منك طبعا
تصغي إلى صوت الحدا ... ة فتقطع الفلوات قطعا
قوله: التغاضي أي التغافل، عربيد: سيئ الأخلاق عند سكره، وهو الّذي يؤذي بيده ولسانه أصحابه، رعديد: جبان فزاع. بون: فضل ومزيّة من ذي علق، أي من صاحب محبّة؛ هو مثل يضرب لمن ينظر بودّ ومحبة ابن طريف: العلق: الحبّ، وعلق فلان فلانة، أي أحبّها. والله الموفق.