للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجده: غناه وما عنده من العلم. ثب: ارجع، هيهات، معناها بعد، مقتي:

محبتي، تعلق به ثقتي، يريد: لا أثق به بعد ما جربته، وبلوت كفرانه للصنيع، أي جرّبت قلة شكره لفعل الجميل معه منيت: بليت. العقوق: المقاطعة. الشنيع: المشتهر بالقبيح.

[[كفران الصنيع]]

ونسوق هنا في كفران الصنيع فصلا يليق بهذا الموضع، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من عباد الله عباد لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم» قلنا: من أولئك يا رسول الله؟ قال: «المتبرئ من والديه رغبة عنهما، والمتبرئ من ولده، ورجل أنعم الله عليه نعمة فكفرها» (١).

وفي التوراة: من صنع معروفا إلى أحمق فهى خطيئة تكتب عليه.

وقال الحجاج لابن الكلبي: أخبرني عن خمسة أشياء أضيعت في الدنيا. قال: نعم أصلح الله الأمير! سراج يوقد في شمس، ومطر جود في أرض سبخة، وامرأة حسناء تزفّ إلى عنّين، وطعام اجتهد صاحبه في صنعته فقدمه إلى سكران أو شبعان، ومعروف تصنعه إلى رجل لا يشكرك عليه.

عائشة رضي الله عنها: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لا تنفع الصنيعة إلا عند ذي حسب ودين، كما لا تنفع الرياضة إلا في نجيب».

المدائني: خرج فتيان في صيد لهم فأثاروا ضبعة فنفرت ومرّت، فاتبعوها، فلجأت إلى بيت رجل، فخرج إليهم بالسيف مسلولا، فقالوا له: يا عبد الله، لم تمنعنا من صيدنا؟ فقال: إنها استجارت بي. فخلّوا بينها وبينه، فنظر إليها فإذا هي مهزولة مضرورة، فجعل يسقيها اللبن صبوحا ومقيلا وغبوقا، حتى سمنت وحسنت حالها، فبينما هو ذات يوم متجرد عدت عليه فشقت بطنه وشربت دمه، فقال ابن عمّ له: [الطويل]

ومن يصنع المعروف في غير أهله ... يلاقي الذي لاقى مجير أمّ عامر

أعد لها لمّا استجارت بقربه ... مع الأمن ألبان اللّقاح الدرائر

فأشبعها حتى إذا ما تمكّنت ... فرته بأنياب لها وأظافر

فقل لذوي المعروف، هذا جزاء من ... يوجّه معروفا إلى غير شاكر

وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إذا أراد الله بعبد خيرا جعل صنائعه ومعروفه في أهل الحفاظ، وإذا أراد به سوءا جعلها في أهل المضائع» وقال حسان: [الكامل]


(١) أخرجه أحمد في المسند ٣/ ٤٤٠، بلفظ: «متبر من والديه راغب عنهما».

<<  <  ج: ص:  >  >>