للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورد وأشقر لم ينهئه طابخه ... ما غيّر الغلي منه فهو مأكول

ثمّت قمنا إلى جرد مسوّمة ... أعرافهنّ لأيدينا مناديل

وقال عبد الملك يوما لجلسائه، وكان يجتنب غير الأدباء: ما خير المناديل؟ فقال قائل: مناديل مصر كأنها قيض البيض، وقال آخر: مناديل اليمن، كأنها أنوار الربيع، فقال عبد الملك: ما صنعتما شيئا، أفضل المناديل ما قال أخو تميم- يعني عبدة- وأنشد الأبيات، وهي مع جودتها قصّرت عن بيت امرئ القيس. وكذلك قول طرفة: [الرمل]

تطرد القرّ بحرّ صادق ... وعليك القيظ إن جاء بقر (١)

وقال الأعشى: [المتقارب]

وتبرد برد رداء العرو ... س بالصّيف رقرقت فيه العبيرا (٢)

وتسخن ليلة لا يستطيع ... نباحا بها الكلب إلا هريرا

[الاستطراد]

البحتري: أنشد أبو تمام لنفسه يهجو عثمان بن إدريس الشامي: [البسيط]

وسابح هطل التّعداء هتّان ... على الجراء أمين غير خوّان (٣)

أظمى الفصوص ولم تظمأ قوائمه ... فخلّ عينيك في ظمآن ريّان

فلو تراه مشيحا والحصى فلق ... بين السنابك من مثنى ووحدان

أيقنت إن لم تثبّت أن حافره ... من صخر تدمر أو من وجه عثمان

ثم قال: ما هذا من الشعر! قلت: لا أدري، فقال: هذا هو الاستطراد، فقلت: فما معنى ذلك؟ فقال: يريك وصف الفرس، وهو يريد هجاء عثمان، فأخذه البحتري، فقال في فرس: [الكامل]

يهوي كما تهوي العقاب وقد رأت ... صيدا وينقضّ انقضاض الأجدل (٤)

ما إن يعاف قذى ولو أوردته ... يوما خلائق حمدويه الأحول

وكان حمدويه عدوّا لممدوحه، فاستطرد به. ويقال: إن البحتري لما عيّر بسرقة هذا البيت أزاله من شعره. وقال دعبل: [الطويل]


(١) البيت في ديوان طرفة ص ٥٣، ولسان العرب (عكك)، وجمهرة اللغة ص ١٢٥، وكتاب العين ١/ ٦٦، وتاج العروس (عكك).
(٢) البيتان في ديوان الأعشى ص ١٤٥، والبيت الأول في الأنصاف ٢/ ٢٨٩، ولسان العرب (عبر)، (رقق)، (ردى)، وأدب الكاتب ص ٣٨، والبيت الثاني في خزانة الأدب ١/ ٦٦، والدرر ٣/ ١٥٢، وهو بلا نسبة في مغني اللبيب ٢/ ٥٩٢، وهمع الهوامع ١/ ٢١٩.
(٣) الأبيات في ديوان أبي تمام ٤/ ٤٣٤ (طبعة المعارف).
(٤) الأبيات في ديوان البحتري ص ١٧٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>