للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنّ ما تجتنيه من زخارفها ... أخلاق مستحسن الأخلاق محبوب

ما انفكّ للعين فيها أعين ذرف ... تبكي بدمع من الأنواء مسكوب

حتّى كأنّ أفانين النبات بها ... على الميادين ألوان اليعاسيب

كان غدرانها بالرّوض محدقة ... تحبير ثوب من الموشيّ منصوب

ولتميم بن المعتز: [الطويل]

وقاذفة بالماء في وسط بركة ... قد التحفت لحاف في الظّلّ سجسجا

إذا اقذفت بالماء سلته منصلا ... وعاد عليها ذلك النّصل هودجا

تحاول إدراك النجوم بقذفها ... كأنّ لها قلبا على الجوّ محرجا

لدى روضة جاد السّحاب ربوعها ... فزخرفها بين الرياض ودبّجا

على نرجس غضّ يلاحظ سوسنا ... وآس ربيعيّ يناغي بنفسجا

كأن غصون الأقحوان زمرّد ... تعمّم بالكافور ثم تتوّجا

ونوار نسرين كأنّ نسيمه ... من المسك في جوّ السماء تأرّجا

قال أبو البحتري: تعرضت لأبي فحمة- وكان مجنونا ببغداد- له بديهة حسنة، فقلت له: كيف أنت يا أبا فحمة؟ فأنشأ يقول: [الكامل]

أصبحت منك على شفا جرف ... متعرّضا لموارد التّلف

وأراك نحوي غير ملتفت ... متحرّفا عن غير منحرف

يا من أطال بهجره كلفي ... أسفي عليك أشدّ من كلفي

فأخرجت قبضة نرجس من كمي، فأخذها وشمّها مليا، وأنشأ يقول:

لما تزوّجت الجنوب بهاطل ... حون هتون زبرج دلّاح

أضحى يلقّحها بوسميّ الصّبا ... فاستثقلت حملا بغير نكاح

حتى إذا حان المخاض تفجّرت ... فأتت بولدان بلا أرواح

حاك الربيع لها ثيابا وشّيت ... بيد النّدى وأنامل الأرواح

من أصفر في أزهر قد زانه ... تبر على ورق من الأوضاح

ركّبن في عقد الزّبرجد فاغتدى ... نحو الغزالة ناظرا بملاح

***

[[فصل أشعار المجانين]]

ويتصل بهذه الحكاية فصل في ذكر ما يستحسن من أشعار المجانين، فإن أبا محمد ذكر في هذه المقامة المصابين، وذكر المجانين في غيرها، لئلا يخلّ بما شرطنا. قال

<<  <  ج: ص:  >  >>