باللّين والصبغ، وذلك مذكور في العاشرة، وجعلها لابسة السواد، لأنّ أهل الشرق يلبسونه لحزنهم، وأهل الأندلس يلبسون البياض لحزنهم، قال الشاعر: [الوافر]
ألا يا أهل أندلس فطنتم ... بلطفكم إلى أمر عجيب
لبستم في مآتمكم بياضا ... وجئتم منه في زيّ غريب
صدقتم فالبياض لباس حزن ... ولا حزن أشدّ من المشيب
وأنشد أبو عثمان الأشناندانيّ في أبيات المعاني له: [البسيط]
أرعت مراتع مدراها على عجل ... صنوين إن أفردا لم يرعيا أبدا
واستبدلت من رياض الحزن مونقة ... ثوب الأمير الذي في ملكه قعدا
عنى بمراتع مدارها شعرها، وبصنوين مقصّ حلقته به، وبرياض الحزن ثيابا ملوّنة، وبثوب الأمير ثوبا أسود، لأن ملوك بني العباس لباسهم السواد وعارض ابن لبّال الحريريّ في أبياته فقال: [مجزوء الكامل]
ودّعتها ومدامعي ... تنهلّ بالدّمع الطّليق
فبكت فأذرت أدمعا ... في صفحة الخدّ الأنيق
ومضت تعضّ بنانها ... بين التلهّف والشهيق
ورأيت مبيضّ اللّج ... ين يعضّ محمرّ العقيق
وكما عارض بيت الحريري عارض قول البحتريّ المتقدم: [السريع]
يا بأبى ظبيّ إذا مارنا ... أثخن قلبي وفؤادي جراح
يفترّ عن طلع وعن جوهر ... وفضّة أو حبب أو أقاح
فزاد عليه بوصفين.
[[مما قيل في الفراق]]
ومما يناظر ما تقدّم من البكاء عند الفراق قول محمد بن يوسف: [الكامل]
وكأنّما أثر الدموع بخدّها ... طلّ تساقط فوق ورد يانع
عذب الفراق لنا قبيل وداعنا ... ثم اجترعناه كسمّ ناقع
وقال ابن الروميّ: [المنسرح]
لو كنت يوم الوداع شاهدنا ... وهنّ يطفئن غلّة الوجد
لم تر إلّا دموع باكية ... تسفح من مقلة على خدّ
كأنّ تلك الدموع قطر ندى ... يقطر من نرجس على ورد