للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم تدع التجارب لي صديقا ... أميل إليه إلّا ملت عنه

وقال آخر: [البسيط]

اهرب بنفسك تستأنس بوحدتها ... تلق الرّشاد إذا ما كنت منفردا

إن السّباع لتهدأ في مرابضها ... والناس ليس بهاد شرّهم أبدا

قوله: تفرّس، أي علم بفراسته وجودة نظره. نويت: أضمرت في نيتي كوشف:

اطلع عليه. زفر: نفخ. الأواه: الحزين الذي يصيح: آه آه. أسجلت: صدقت.

المحدثين: الذين حدثوه بتوبة السروجي. محدّثين، هم المكاشفون من الزهاد الذين يحدثون بالغيوب، كأن المكاشف قد حدث بما يقول. وقيل: المحدثون الصّادقون ظنا وفراسة.

وقال صلى الله عليه وسلم: «قد كان فيمن قبلكم، محدثون، فإن يكن من أمتي هذه فهو عمر بن الخطاب» (١). وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه المعيّا وهو الصادق الظنّ، ودليله ما ذكره صلى الله عليه وسلم في عمر حديث سارية بن زنيم، وكان عمر رضي الله تعالى عنه قد أرسله في جيش للمسلمين، فألقى الله في روح عمر رضي الله تعالى عنه وهو يخطب الناس بالمدينة إن العدوّ قد نهز المسلمين واشتد الخطب عليهم، وكانوا بحضرة جبل، فقطع عمر الخطبة وقال: يا سارية الجبل، فأسمع الله تعالى سارية من مسافة شهر نداء عمر، فانحاز بالمسلمين إلى الجبل، فتخلصوا، قوله: المصافح، أي المعانق عند الوداع، نصيب عينك، أي غرضها وقدامها، وأول من قال: اجعل الموت نصب عينك أمية بن أبي الصلت في قوله: [الخفيف]

كلّ عيش وإن تطاول يوما ... صائر أمره إلى أن يزولا

ليتني كنت قبل ما قد بدا لي ... في رءوس الجبال أرعى الوعولا

فاجعل الموت نصب عينك واحذر ... غولة الموت إن للموت غولا

عبراتي: دموعي. يتصعدن: يترفعن. التراقي: العظمان المعوجان أعلى الصدر.

خاتمة التلاقي: آخر لقائه.

[[مما قيل في الوداع شعرا]]

ونذكر هنا جملة من الشعر في ذكر الوداع الذي كان بينهما ونجعلها كالتوديع لما سلف لهما في هذا الكتاب من رياض الآداب فإنها كانت أنس الوحيد. ومسلاة الطريد، فمن ذلك قول بعضهم: [المتقارب]

وداعك مثل وداع الرّبيع ... وفقدك مثل افتقاد الدّيم


(١) أخرجه البخاري في فضائل الصحابة باب ٦، والأنبياء باب ٥٤، ومسلم في فضائل الصحابة باب ٢٣، والترمذي في المناقب باب ١٧، وأحمد في المسند ٦/ ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>