للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن الأعرابي: آم مقلوب آئم، وهم العزّاب، جمع أمة.

وكان السّليك من أدلّ الناس بالأرض وأعلمهم بمسالكها، وكان يستودع الماء بيض النعام في الشتاء، ويدفنه في المفاوز العظيمة، فإذا كان الصيف وانقطعت إغارة الخيل أغار على ربيعة، وشرب من ذلك الماء. وكان يقول: اللهم إني أعوذ بك من الخيبة، وأما الهيبة فلا هيبة.

***

قوله: «عدوته»، العدوة بالكسر: الحالة، وبالفتح المرة الواحدة، فيريد الحريريّ، أن إسراعهما إلى الوالي كان كعدوة السليك.

***

فلمّا حضراه، جدّد الشّيخ دعواه واستدعى عدواه فاستنطق الغلام وقد فتنه بمحاسن غرّته، وطرّ عقله بتصفيف طرّته، فقال: إنّها أفيكة أفّاك، على غير سفّاك؛ وعضيهة محتال، على من ليس بمغتال. فقال الوالي للشّيخ: إن شهد لك عدلان من المسلمين، وإلّا فاستوف منه اليمين. فقال الشيخ: إنّه جدّله خاسيا، وأفاح دمه خاليا، فأنّى لي شاهد، ولم يكن ثمّ مشاهد! ولكن ولّني تلقينه اليمين، ليبين لك:

أيصدق أم يمين! فقال له: أنت المالك لذلك؛ مع وجدك المتهالك، على ابنك الهالك!

***

واستدعى عدواه، أي طلب إغاثته وأعداه الحاكم: أغاثه. استنطق: أمره أن ينطق وقد بيّن هذا الاستنطاق في الرابعة والثلاثين عند شراء الغلام قال: «ثم استنطقته عن اسمه، لا لرغبة في علمه، بل لأنظر أين فصاحته من صباحته، وكيف لهجته من بهجته».

وكذلك لم يرد الوالي أن يستنطقه ليقول حجته؛ بل ليعلم حلاوته من صورته التي فتنته.

وقد ذكرنا أنّ فائدة الحسن إنما تدور على اللسان.

[[إبراهيم النظام]]

وهذا الاستنطاق هو الذي ذهب بإبراهيم بن سيار النظّام، الّذي هو إمام في علم الكلام إلى علاقة غلام؛ وذلك أنه لقي غلاما جميل الوجه، مقبول الصورة، فاستحسنه، وتصوّر فيه الصورة الباطنة المناسبة لخلقته الظاهرة، فقال له: يا غلام، إنه لولا ما سبق من قول الحكماء، لما جعلوا السبيل لمثلي إلى مثلك بقولهم: لا ينبغي لأحد أن يصغر عن أن يقول، ولا أن يكبر عن أن يقال له، لما أنست إلى مخاطبتك، ولا انشرح صدري إلى محادثتك، لكنّه سبب الإخاء وعقد المودّة، ومحلّك من قلبي محلّ الروح من جسد

<<  <  ج: ص:  >  >>