للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحنف: ما ادّخرت الآباء للأبناء، ولا أبقت الموتى للأحياء شيئا أفضل من اصطناع المعروف عند ذوي الأحساب.

وقيل لمعاوية: أيّ الناس أحبّ إليك؟ قال: من كانت له عندي يد صالحة، قيل:

فإن لم تكن؟ قال: فمن كانت لي عنده يد صالحة.

قال بزرجمهر: إذا أقبلت عليك الدنيا فأنفق منها فإنّها لا تفني، إذا أديرت عنك فأنفق منها، فإنها لا تبقى بأخذ هذا المعنى الشاعر فقال: [البسيط]

لا تبخلنّ بدنيا وهي مقبلة ... فليس ينقصها التّبذير والسّرف

فإن تولّت فأحرى أن تجود بها ... فالحمد منها إذا ما أدبرت خلف

وقال آخر: [الطويل]

إذا جادت الدّنيا عليك فجدبها ... على النّاس طرّا قبل أن تتفلّت

فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت ... ولا الشحّ يبقيها إذا هي ولّت

وكان سعيد بن العاص يقول على المنبر: من رزقه الله رزقا حسنا، فلينفق منه سرّا وجهرا، حتى يكون أسعد الناس به: فإنما يترك ما يترك لأحد رجلين؛ إمّا لمصلح فلا يقل عنده شيء، وإمّا لمفسد فلا يبقى له شيء. أخذه الشاعر فقال: [الكامل]

اسعد بمالك في الحياة فإنّما ... يبقى خلافك مصلح أو مفسد

فإذا جمعت لمفسد لم تغنه ... وأخو الصلاح قليله يتزيّد

[[المروءة]]

قوله: لولا المروءة، المروءة هي الأفعال الشريفة، التي يجب أن يقال للرجل بها مرء، مثل الرّجولة للأفعال التي يستحقّ الرجل أن يقال له بها رجل.

وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «لا دين إلّا بمروءة».

وقال عمر رضي الله عنه: المروءة، مروءتان: ظاهرة وباطنة، فالظّاهرة الرياش والباطنة العفاف.

قدم وفد على معاوية رضي الله عنه، فقال لهم: ما تعدون المروءة؟ قالوا: العفاف وإصلاح المعيشة، قال: اسمع يا يزيد!

وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «تجاوزوا لذوي المروءات عثراتهم، فو الله إنّ أحدهم ليعثر وإنّ يده بيد الله» (١).


(١) أخرجه بمعناه أبو داود في الحدود باب ٥، وأحمد في المسند ٦/ ١٨١، بلفظ: «أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>