للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أبقت صروف الدّهر منّي ... كما أبقت من السّيف اليماني (١)

يصمّم وهو مأثور جراز ... إذا جمعت بقائمه اليدان

فسّره أبو عبيد البكري وغيره: بأنه أراد بذلك الجارحة، والأيد الذي هو القوّة، فجمع على الأخفّ، فهذا من قبيل ما قدمناه، ولا يحضرني الآن غير هذا من كلام العرب.

قوله: الإلمام، أي تخفيف الزيارة. أننفّق، أتخرّج، والنّفاق ضدّ الكساد.

الإجمام: الزيارة صدى صوته، أي متى دعاه وجده حاضرا مجيبا له، والصدى: صوت الجبل الذي يردّ عليك إذا صحت.

وابن همام في هذا المقامة شرطيّ القاضي.

[سلمان الفارسيّ]

وسلمان الذي ذكره، هو سلمان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، ويعرف بسلمان الخير، قالت عائشة رضي الله عنها: كان لسلمان رضي الله عنه مجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفرد به في الليل، حتى كاد يغلبنا عليه.

وقال عليه السلام: «أمرني ربي بحبّ أربعة، وأعلمني أنه يحبّهم: عليّ، وأبو ذرّ، والمقداد، وسلمان»، رضي الله تعالى عنهم.

وأتى أبو سفيان على سلمان وصهيب وبلال، فقالوا: ما أخذت سيوف الله من عنق عدوّ الله مأخذها، فقال أبو بكر رضي الله عنه: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم! وأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: يا أبا بكر، لعلّك أغضبتهم، لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربّك، فأتاهم أبو بكر رضي الله عنه فقال: يا إخوتاه، أأغضبتكم؟ فقالوا: لا، ويغفر الله لك.

وكان من أبناء أساورة فارس، وأصله من رامهرمز، وقيل: كان من أصبهان، وكان يطلب دين الله ويتبع من يرجو ذلك عنده، فدان بالنصرانية وغيرها، وقرأ الكتب، وصبر في ذلك على مشقات نالته، وكلّها مذكورة في إسلامه في كتب السّير.

وقيل: تداوله في ذلك بضعة عشر ربّا، حتى أفضى إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فاشتراه من قوم من اليهود.

وأوّل مشاهده الخندق، وهو الذي أشار بحفره، فقال أبو سفيان وأصحابه: هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها.

وسئل عليّ عنه فقال: علم العلم الأول، بحر لا ينزف، هو منّا أهل البيت، وفي رواية: هو مثل لقمان الحكيم، وكان فاضلا حبرا زاهدا عالما متقشفا.


(١) البيتان للنابغة الجعدي في أمالي القالي ١/ ٧١، واللآلي ص ٢٤٦، وخزانة الأدب ١/ ٥١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>