للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الفضل بن عيسى الرقاشي: سل الأرض: من غرس أشجارك، وشق أنهارك، وجنى ثمارك؟ فإن لم تجبك حوارا، أجابتك اعتبارا.

ومنه سؤال العرب للمنازل الخالية والديار الدارسة، وقال شاعرهم: [الطويل]

وأجهشت للتوباد حين رأيته ... وكبّر للرحمن حين رآني

وأذريت دمع العين لما رأيته ... ونادى بأعلى صوته فدعاني

فقلت له أين الذين عهدتهم ... حواليك في أمن وخصب زمان!

فقال مضوا واستودعوني ديارهم ... ومن ذا الذي يبقي على الحدثان!

التّوباد: جبل بني عامر، وجوابه لهذا الشاعر بالمعنى، فجعله لفظيا مجازا، وهذه الحالة الدالة التي سماها الجاحظ في أقسام البيان النّصبة، قال الجاحظ: جمع أصناف الدلالة على المعاني من لفظ أو غيره خمسة لا تنقص ولا تزيد، أولها اللفظ ثم الإشارة، ثم العقد، ثم الخط، ثم النّصبة، والعقد؛ أخذ العدد في الأصابع.

قوله: «نقد»، أي أعطى نقدا، وهو المال الحاضر، حبّة القلب: سواده.

***

فأسرتني الشهوة بأشطانها، وأسلمتني العيمة إلى سلطانها، فبقيت أحير من صبّ، وأذهل من صبّ، لا وجد يوصلني إلى نيل المراد، ولذّة الازدراد، ولا قدم يطاوعني على الذهاب، مع حرقة الالتهاب، لكن حداني القرم وسورته، والسّغب وفورته، على أن أنتجع كلّ أرض، وأقتنع من الورد ببرض، فلم أزل سحابة ذلك النّهار، أدلي دلوي إلى الأنهار، وهي لا ترجع ببلّة، ولا تجلب نقع غلّة، إلى أن صفت الشمس للغروب، وضعفت النفس من اللّغوب، فرحت بكبد حرّى، وانثنيت أقدّم رجلا وأؤخّر أخرى.

***

أسرتني: ربطتني كالأسير. أشطانها: حبالها. أسلمتني: تركتني. العيمة: شهوة اللبن. وسلطانها: قدرتها وغلبتها، يريد أنّ الشهوة إلى اللّبأ قهرته حتى تركته مستسلما لا يملك نفسه.

[[الضب]]

الضّبّ: يشبه الحرذون، وهو حرذون الصحراء وإذا فارق جحره لم يهتد إليه فيتحيّر. فيجعل حجرا عند جحره، واقفا ليهتدى به، فإذا أزاله الصائد تحيّر، فجاء فأخذه، وربما قتله بذلك الحجر، قال الشاعر: [الوافر]

<<  <  ج: ص:  >  >>