للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن الضب ذو دهي ومكر ... كما اليربوع والذئب اللعين

يرى مرداته من رأس ميل ... ويأمن سيل بارقة هتون

ويدخل عقربا تحت الذنابي ... رواغ الفهد من أسد كمين

جعل الذئب لعينا، لأنّ من رآه صاح عليه، ومرداته: حجره، والعقرب يعدّه الضب للصائد إن أدخل يده في جحره، وأخذ بذنبه، لسعته العقرب، وربما أكل العقارب وترك منها واحدا في باب جحره للصائد، قال الشاعر: [الطويل]

وأخدع من ضبّ إذا جاء حارش ... أعدّ له عند الذّنابة عقربا (١)

والضبّ، أي وصف بالضلال وقالوا في بيت المتنبي: [الطويل]

لقد لعب البين المشتّ بها وبي ... وزودني في السير ما زوّد الضّبا (٢)

أراد أنه زودني الضلال عن وطني، الذي خرجت منه، فما أوفق للعود إليه، والاجتماع مع الحبيب.

وقال الواحدي يقول: جعل البين زادي زاد الضب، والضبّ لا يتزود في المفازة، ومعناه: فارقت الحبيب من غير وداع ولا التقاء يكون لي زادا على البعد. ويقال أيضا:

أخدع من ضبّ، وذلك أنه يطمع الصائد في نفسه، فإذا حنق عليه خدع في جحره، ومنه أخذ معنى الخداع.

ويقال فيه: إنه أعقّ من ضبّ، وذلك أنه يأكل أولاده، ويكنى أبا الحسل ويسمّي ولده الحسل، وأمثال العرب به كثيرة. ويزعمون أنه كان حكما في الدوابّ في الزمان، الذي كانت فيه الحيوان تتكلم. وعنه يروون: في بيته يؤتى الحكم، يعني نفسه. وفيه خواص ليست في الحيوان، تزعم العرب أنه لا يشرب الماء، وإذا أخذه العطش صعد ربوة واستقبل الريح، وأنه طويل العمر. ويقولون: إنه أحيا من ضب، يريدون أن حياته لا تكاد تنقضي، وأنه لا يسقط له سن، وأنه أطول الدواب دما، وإذا ذبح يبقى زمانا، وحينئذ يموت، وأن له ذكرين ولأنثاه فرجين.

***

«أذهل من ضبّ»: أي أشغل قلبا من عاشق، ووساوس العشق أفضت ببعض العشاق إلى الجنون، وجد: غنى، وقد وجدت وجدا، أي كثر مالي والازدراد: كثرة الأكل، وزردت الطعام وازدردته إذا ابتلعته، الالتهاب: اشتغال نار الجوع. حداني:

ساقني، القرم: شهوة اللحم، وأراد به شهوة الأكل. سورته: شدته. وفورة السغب:


(١) البيت بلا نسبة في تاج العروس (خدع).
(٢) البيت في ديوان المتنبي ١/ ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>