للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقامة الثانية والعشرون وهي الفراتيّة

حكى الحارث بن همام قال: أويت في بعض الفترات، إلى سقي الفرات، فلقيت بها كتّابا أبرع من بني الفرات، وأعذب أخلاقا من الماء الفرات. فأطفت بهم لتهذّبهم، لا لذهبهم، وكاثرتهم لأدبهم، لا لمآدبهم. فجالست منهم أضراب قعقاع بن شور، ووصلت بهم إلى الكور بعد الحور؛ حتّى إنّهم أشركوني في المربع والمرتع، وأحلّوني محلّ الأنملة من الإصبع. واتخذوني ابن أنسهم عند الولاية والعزل، وخازن سرّهم في الجدّ والهزل.

***

أويت، أي ملت وانضممت. الفترات: جمع فترة، وهي الهدنة والسكون؛ فكأنه قال: مشيت في بعض السنين الآمنة. والفترة أيضا: ضعف الأعضاء، والفترة أيضا ما بين نبيّ ونبيّ.

***

[[سقي الفرات]]

وسقي الفرات بلاد يسقيها الفرات، والفرات نهر يشقّ بلاد الروم وبلاد العراق، ويقع في البحر الحبشيّ، وجريانه خمسمائة فرسخ.

وقال الرّشاطيّ: ابتداء الفرات وفوّهته من قاليقلا من بلاد إرمينيّة، ثم يسير إلى منبج من كور قنّسرين إلى سميساط، ثم إلى ملطية، ثم إلى كيسوم من أرض الرّقة، ثم إلى الرّقة وقرقيسيا والرحبة وكور الفرات، ثم إلى الأنبار، ثم إلى الكوفة، ويلتقي مع الدّجلة ما بين واسط والبصرة، ومنها انصبابها إلى البحر، وجريانهما من الشمال إلى الجنوب.

وقال شيخنا ابن جبير: هذا النهر كاسمه فرات، وهو من أعذب المياه وأخفّها، وهو نهر كبير زخّار، تصعد فيه السفن وتنحدر. وأما سقيه في أحواز بغداد فنبين لك قدره. فذكر أنه عاينه في طريقه من الكوفة إلى بغداد، وأنه رحل مع أمير الحاجّ من الكوفة يوم السبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>