للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأبلغ أبا بكر رسولا سريعة ... فما لك يا بن الحضرميّ وماليا (١)

قال الفراء رحمه الله وحدّه اكتفاء بالرسول من الرسولين، وأنشد: [المتقارب]

ألكني إليها وخير الرسو ... ل أعلمهم بنواحي الخبر (٢)

أراد الرّسل، فاكتفى بالواحد عن الجمع.

***

[[من خطب النكاح]]

وإذ كملت الخطبة فلنسق من خطب النكاح ما يحسن بالوضع.

ومن مشاهير الخطب فيه خطبة أبي طالب في تزويج النبي صلّى الله عليه وسلم من خديجة رضي الله عنها وهي:

الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم، وزرع إسماعيل، وجعل لنا حرما آمنا وبيتا محجوجا، وجعلنا الحكام على الناس. ثم إن محمد بن عبد الله ابن أخي، ممّن لا يوازن فتى في قريش إلا رجح به برّا، وفضلا، وكرما وعقلا، ومجدا ونبلا، وإن كان في المال قلّ فإنما المال ظلّ زائل، وعارية مسترجعة، وله في خديجة بنت خويلد رغبة، ولها فيه مثل ذلك وما أحببتم من الصّداق فعليّ.

فهذه الخطبة من أفضل خطب الجاهلية.

وعن يحيى بن أكثم: أراد المأمون أن يزوج ابنته من عليّ الرضا، فقال: يا يحيى تكلم، فأجللت أن أقول: أنكحت؛ فقلت: يا أمير المؤمنين، أنت الحاكمالأكبر والإمام الأعظم، وأنت أولى بالكلام، فقال:

الحمد لله الذي تصاغرت الأمور بمشيئته، ولا إله إلا الله إقرارا بربوبيته، وصلى الله على سيدنا محمد عند ذكره وعترته. أما بعد، فإن الله سبحانه قد جعل النكاح دينا، ورضيه حكما، وأنزله وحيا، ليكون سببا للمناسلة وإني قد زوّجت ابنة المأمون من عليّ ابن موسى الرضا، وأمهرتها أربعمائة دينار، اقتداء بسنة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وانتهاء إلى ما درج إليه السلف الصالح، والحمد لله رب العالمين.

وحضر المأمون إملاكا وهو أمير، فسأله من حضر أن يخطب، فقال: الحمد لله، والصلاة على المصطفى رسوله، وخير ما عمل به كتاب الله: وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ [النور: ٣٢]، ولو لم يكن في المناكحة آية منزّلة ولا


(١) البيت بلا نسبة في المخصص ١٧/ ٣٠.
(٢) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص ١١٣، ولسان العرب (لوك)، (رسل)، والمخصص ١٢/ ٢٢٥، وبلا نسبة في لسان العرب (ألك)، (نحا)، وتاج العروس (ألك).

<<  <  ج: ص:  >  >>