بما لديك؛ ولا تذكر ما بين يديك، وتسعى أبدا لغاريك، ولا تبالي ألك أم عليك أتظنّ أن ستترك سدّى، وألّا تحاسب غدا؛ أم تحسب أنّ الموت يقبل الرّشا، أو يميّز بين الأسد والرّشا. كلّا والله لن يدفع المنون، مال ولا بنون؛ ولا ينفع أهل القبور؛ سوى العمل المبرور، فطوبى لمن سمع ووعى؛ وحقّق ما ادّعى؛ ونهى النّفس عن الهوى، وعلم أنّ الفائز من ارعوى، وأن ليس للإنسان إلّا ما سعى، وأن سعيه سوف يرى. ثمّ أنشد إنشاد وجل، بصوت زجل:
***
قوله:«ما أغراك»: ما أكثر لصوقك. يغرّك: يدلّك على الغرر. أضراك: أشدّ ملازمتك. ألهجك: أشدّ حبك.
يطغيك: يردك طاغيا متجاوزا قدرك. أبهجك: أشدّ سرورك. يطريك: يمدحك في وجهك، والنفس ميالة كثيرة الانخداع بمن يعظّم شأنها ويثني عليها، فرّارة ممن يحقرها ويذمها، ولذا قال صلّى الله عليه وسلم:«احثوا التراب في وجوه المداحين» تذليلا لهم بذلك حيث أكسبوا غيرهم عزة النفس والكبر. قال الشاعر:[الكامل]