للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما لديك؛ ولا تذكر ما بين يديك، وتسعى أبدا لغاريك، ولا تبالي ألك أم عليك أتظنّ أن ستترك سدّى، وألّا تحاسب غدا؛ أم تحسب أنّ الموت يقبل الرّشا، أو يميّز بين الأسد والرّشا. كلّا والله لن يدفع المنون، مال ولا بنون؛ ولا ينفع أهل القبور؛ سوى العمل المبرور، فطوبى لمن سمع ووعى؛ وحقّق ما ادّعى؛ ونهى النّفس عن الهوى، وعلم أنّ الفائز من ارعوى، وأن ليس للإنسان إلّا ما سعى، وأن سعيه سوف يرى. ثمّ أنشد إنشاد وجل، بصوت زجل:

***

قوله: «ما أغراك»: ما أكثر لصوقك. يغرّك: يدلّك على الغرر. أضراك: أشدّ ملازمتك. ألهجك: أشدّ حبك.

يطغيك: يردك طاغيا متجاوزا قدرك. أبهجك: أشدّ سرورك. يطريك: يمدحك في وجهك، والنفس ميالة كثيرة الانخداع بمن يعظّم شأنها ويثني عليها، فرّارة ممن يحقرها ويذمها، ولذا قال صلّى الله عليه وسلم: «احثوا التراب في وجوه المداحين» تذليلا لهم بذلك حيث أكسبوا غيرهم عزة النفس والكبر. قال الشاعر: [الكامل]

وخدعته بخديعة لمّا أبى ... والحرّ يخدع بالكلام الطيّب

تعني: تشتغل. يعنّيك: يتعبك. تنزع: ترمي. تعدّيك: ظلمك الحرص: أسوأ الطمع. يرديك: يهلكك.

***

[[بعض الحكم والمواعظ]]

كعب بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والسّرف لدينه» (١).

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اقتربت الساعة ولا يزداد الناس إلا حرصا على الدنيا ولا تزداد منهم إلا بعدا».

وقال محمود الوراق: [الرمل]

كم إلى كم أنت للحر ... ص وللآمال عبد

ليس يجدي الحرص والسع ... ي إذا لم يك جدّ


(١) أخرجه الترمذي في الزهد باب ٤٣، والدارمي في الرقاق باب ٢١، وأحمد في المسند ٣/ ٤٥٦، ٤٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>