للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا يبيّن لك موقعها في المقامة.

وعلى قوله تعالى: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ [البقرة: ٤٤]، قال:

أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مررت برجال ليلة أسري بي، تقرض شفاههم وألسنتهم بمقاريض من نار، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الخطباء من أمّتك الذين يأمرون الناس بالبرّ وينسون أنفسهم» (١).

أبو أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الذين يأمرون الناس بالبرّ وينسون أنفسهم يجرون قصبهم في نار جهنم، فيقال لهم: من أنتم؟ فيقولون: نحن الّذين كنا نأمر بالبر وننسى أنفسنا» (٢).

قال أبو العتاهية في منصور بن عمار وكأنّه يخاطب واعظ المقامة: [البسيط]

يا واعظ النّاس قد أصبحت متّهما ... إذ عبت منهم أمورا كنت تأتيها

كالملبس الثوب من عري وعورته ... للنّاس بادية ما إن يواريها

وأعظم الأمر بعد الشّرك تعلمه ... في كلّ نفس عماها عن مساويها

عرفانها بعيوب الناس تبصرها ... منهم ولا تبصر العيب الّذي فيها

ومن لزوميات المعري: [الوافر]

رويدك قد خدعت وأنت كهل ... بصاحب حيلة يعظ النّساء (٣)

يحرّم فيكم الصهباء صبحا ... ويشربها على عمد مساء

يقول لكم: غدوت بلا كساء ... وفي لذّاتها رهن الكساء

إذا فعل الفتى ما عنه ينهى ... فمن جهتين لا جهة أساء

[[الخمريات]]

ونذكر هنا من الأبيات الخمريات ما يأتي على معنى البيتين اللذين أنشد، قال الحسن: [السريع]

ما مثل هذا اليوم في حسنه ... عطّل من لهو ولا ضيّعا (٤)

هل لك أن تغدو على قهوة ... تسرع في المرء إذا أسرعا

ما وجد النّاس ولا جربوا ... للهمّ شيئا مثلها مدفعا


(١) أخرجه أحمد في المسند ٣/ ١٢٠، ٢٣١، ٢٣٩.
(٢) أخرجه البخاري في المناقب باب ٩، وتفسير سورة ٥، باب ١٣، ومسلم في الجنة حديث ٥٠، ٥١.
(٣) اللزوميات ص ٥١.
(٤) الأبيات في ديوان أبي نواس ص ٣٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>