للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بريّة ذي عتب شارف ... وصهباء كالمسك لم تقطب

المواتح: البكرات، والحوأب: اسم ماء الفراريج: الديوك عتب: أوتار، وشارف:

اسم العود، شبّهه بالشارف من الإبل، لأنها أغنّ صوتا وأطربه، قال متمّم: [الطويل]

إذا شارف منهنّ قامت فرجّعت ... حنينا فأبكى شجوها البرك أجمعا (١)

ممصرة: مصبوغة بالمصرة، وهي العصفر قبل أن يوضع فيه الخلّ، فلونها أصفر، فإذا وضع فيها الخلّ أحمر ما يصبغ به وسمّي معصفرا. والحلّة: ثوبان: إزار ورداء، وسمّيت حلّة، لأنها تحلّ على لابسها كما يحلّ الرّجل على الأرض دنان: جمع دنّ، وهو نوع من الخوابي طويل الأسفل ضيّقه، ويسمّى الراقود.

وهذه الحالة التي وجد عليها الحريريّ السّروجيّ بعد ذلك الترهّب الذي كان عليه في أول المقامة لها نظائر لرجال مشاهير بالعلم والفصل.

***

[[في مجالس الشراب]]

حكى الثعالبيّ في يتيمته، وقد ذكر القاضي التنوخيّ فقال: هو أبو القاسم عليّ بن محمد بن داود بن فهم، من أعيان أهل العلم والأدب، وأفراد ذوي الكرم وحسن الشيم، وكان كما قرأت في فصل للصاحب: إن أردت فإني سبحة ناسك، أو أحببت فإني تفاحة فاتك، أو اقترحت فإني مدرعة راهب، أو اخترت فإنّي نخبة شارب.

وكان تقلّد قضاء البصرة والأهواز بضع سنين، وكان المهلبي وغيره من وزراء العراق يميلون إليه جدّا، ويعدّونه ريحانة الندماء، وتاريخ الظرفاء، يعاشرون منه من تطيب عشرته، وتلين قشرته، وتكرم أخلاقه، وتحسن أخباره، وتسير أشعاره؛ ناظمة حاشيتي البرّ والبحر، وناحيتي الشرق والغرب. وكان من جملة القضاة الذين ينادمون الوزير المهلبيّ، ويجتمعون إليه في الأسبوع ليلتين، على اطّراح الحشمة والتبسّط في القصف والخلاعة، منهم ابن قريعة وابن معروف والقاضي التنّوخي وغيرهم، وما منهم إلا أبيض اللحية طويلها، وكذلك كان المهلبيّ، وإذا تكمّل الأنس، وطاب المجلس، ولذّ السماع، وأخذ الطرب فيهم مأخذه وهبوا ثوب الوقار للعقار، وتقلبوا في أعطاف العيش، بين الخفّة والطيش، ووضع بين يدي كلّ واحد منهم طست من ذهب من ألف مثال مملوء شرابا، فيغمس فيه لحيته، بل ينقعها حتى تشرب أكثره، ويرشّ بعضهم بعضا، ويرقصون بأجمعهم، وعليهم مصبّغات الثياب، ومخانق البرم، ويقولون كلما يكثر شربهم هرهر، وفيهم يقول السريّ: [المنسرح]


(١) البيت لمتمم بن نويرة في ديوانه ص ١١٧، ولسان العرب (برك)، وتاج العروس (برك)، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٣٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>