قوله: «أعلن» أي رفع صوته. والنحيب: البكاء. وفي بكاء المحب على الحبيب يقول الشاعر وزاد معنى: [المتقارب]
أتتني تؤنّبني في البكاء ... فأهلا بها وبتأنيبها
تقول وفي قولها حكمة ... أتبكي بعين تراني بها!
فقلت: إذا استحسنت غيركم ... أمرت البكاء بتأديبها
قوله: رقأت، أي انقطعت. انفثأت: انكسرت وسكنت. لوعته: حرقته. النجعة:
المرعى. الروّاد: الطالبون لها. بهتان: باطل. عيان: معاينة.
قوله: «في عصاي سير» مثل يضرب لمن ليس عنده منفعة ولا له قوّة. والسير:
الشراك يدخل في ثقب في رأس العصا ويعقد منه حلقة، يدخل فيها يده التي تمسك العصا، فتكون أشدّ لاعتماده عليها، وضربه بها، فجعل عصاه عاطلة من سيرها، وهو يريد أن لا منفعة عنده.
وأنشدوا: [الرجز]
يا لك من همّة وخير ... لو كان لي في عصاي سير
صبرا على النائبات صبرا ... ما يصنع الله فهو خير
فمن قليل بدا كثير ... كم مطر بدؤه مطير
***
[[مما قيل في العصا]]
وذكر الجاحظ فوائد العصا، فمنها: سئل يونس عن قول الله عز وجل: وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى [طه: ١٨] فقال: لست أحيط بجميع مآرب موسى، لكني أذكر جملة تدخل في باب الحاجة إليها:
من ذلك أنها تحسل للحيّة والعقرب والذئب والفحل الهائج، ويتوكأ عليها الكبير والسقيم والأقطع والخطيب والأعرج، فتنوب للأعرج عن ساق أخرى [وتنوب] للأعمى عن قائده. وهي للقصّار والدّباغ وهي المفأد للملّة ومحراك للتّنّور، ولدقّ الجصّ والسمسم، ولخبط الشجر، وللشرطيّ والمكاريّ، وللراعي غنمه، وللراكب مركبه، ووتد في الحائط، وتركزها فتجعلها قبلة، وإن شئت مظلّة، وتدخلها في عروة المزود وطرفها في يدك، والثاني في يد صاحبك، وإن كان فيها زجّ كانت عنزة، فإن زدت شيئا، كانت عكّازا، فإن زدت شيئا كانت مطردا، وإن زدت شيئا كانت رمحا.
وكانت آيات موسى صلوات الله وسلامه عليه في عصاه، وكانت لا تفارق يد سليمان عليه الصلاة والسلام في مقاماته، حتى سلّط الله الأرضة وهو ميت فسقط، فكانت للجنّ آية.